إستيقظنا هذا الصباح على نبإ وفاتك و رحيلك و فراقك الأبديّ ، فكان الخبر فاجعة و الوجيعة أوجاع ، فاعتصر القلب ألما و فاض الإحساس كدَرا و اهتزّ الكيان حُزْنا و كمدا ، على فراق أخ كريم و صديق حميم نذر نفسه خدمة للتربية و المواطنة و إشاعة قيم الانسان في المدينة ، أشهد أنّنا عرفناك طالبا مثابرا حريصا على التميّز ، كما عرفناك أستاذا ألمعيّا و مربّيا حريصا على تكوين التلميذ و تأطيره و الإحاطة به ، كما عرفناك متفقّدا محترفا ترك بصماته في أجيال عديدة من الأساتذة و في جهات مختلفة من الجمهوريّة مؤطّرا مسيّرا موجّها و مرافقا مساهما فاعلا في تطوير المناهج و البرامج وتحسين الأداء التربوي ، حريصا على ربط الفلسفة بهموم اليومي وشواغل الشأن العام . عرفناك فاعلا في الشأن الثقافي ، حاملا للهمّ المدني و فاعلا فيه ، ملتزما بقضايا الإنسان و حقوقه في بعدها الفردي و الكوني ، ، عرفنا فيك الإنسان الخيّر و الفكر الناقد النيّر ، عرفناك مناضلا بصدق من أجل إعلاء صوت الكلمة الحرّة و المسؤولة و الرأي المتعقّل و الفكرة البنّاءة أملا في وجود مدني أرفع شأنا و معنى . المقالات التي كتبتها ، الكتب التي ترجمتها ، المحاضرات التي أنجزتها ، النقاشات التي أدرتها ، الندوات التي أشرفت عليها ، البرامج الإذاعيّة التي أنتجتها ، المسؤوليات الجمعياتيّة التي تحمّلتها في المجال الثقافي و المدني و الحقوقي ، كلّها تشهد أنّنا برحيلك نفقد قامة من قامات جهة صفاقس و رمزا من رموز هذا الوطن . لهذا نبْكيك حُرْقة و لوعة و أسى ، نودّعك و في القلب جمرة و في الأحشاء حسْرة و في الذاكرة تجربة حياة . و لا رادّ لمشيئة الله و ليس لنا و الله إلاّ القبول بمشيئته و قراره . رحمك الله صديقي و أخي و طيّب ثراك و خلّد ذكراك و جعل الجنّة مأواك ، لروحك السلام و لذكراك الخلود ، و الله نسأل أن يرزقنا و أهلك و أحباءك من الصبر أجمله و من السلوان أبلغه و سبحان من تفرّد بدوام العزّة و البقاء و كتب على مخلوقاته الموت و الفناء ، و إنّا لله و إنّا إليه راجعون