كسبت تونس الشوط الاول ... فمن منا كان يتوقع ان الأشياء تتغير رأسا على عقب و بهذه السرعة في ظرف أشهر ! و من منا كان يعتقد قبل 25 جويلية ان افتكاك الدولة ممكن ، و تعديل الدستور ممكن، و الخروج من التمثيلية النسبية ممكن ؟ الا ترون الان في ظرف أشهر كيف فكّكت المؤسسات التي كبلت الدولة ، و الطبقة السياسية التي حكمت البلاد بعد 2011 مع تقديري لكفاءات نزيهة فيها ، و الاحزاب المتغوّلة انتهت فعلا ! لولا الرئيس قيس سعيد لبقيت تونس حبيسة نظام سياسي خطير، و رهينة مافيا سياسية تغطرست و نهبت ... لقد تهيأ الشعب للتغيير ، و اصبح ينادي للإنقاذ، و انتفع قيس من اللحظة الحاسمة ، و افتك الدولة ... لولاه لانتصبت المافيا السياسية المالية و لبقي تجار الدين لسنوات ... لا ادعو بهذا إلى العودة إلى ما قبل 2011 ... فكل شيء تغير ، و التونسي يطمح لدولة جديدة و حياة سياسية اخرى... افتك قيس سعيد الدولة و شرع في التنظيف ، لكن التنظيف ليس سهلا ...كما افتك الدولة و شرع في تغيير المؤسسات ، لكن التصور التنظيمي الجديد ليس سهلا ... لذا هناك شوط ثاني يجب كسبه ... فما ازلناه كان يحتاج إلى الإزالة... و لكن علينا ان نضمن سلامة ما سوف يؤسس له... فنحن أصبحنا نحتاج إلى دستور يعطي حوكمة افضل ، و إلى آليات انتخابية تفرز طبقة سياسية افضل ... لذا أكرر ما دعوت إليه سابقا ... لإنجاح الشوط الثاني ، يجب تشريك الكفاءات الصادقة في وضع التصورات الجديدة ، و علينا جميعا تجنب المغامرات ... الديمقراطية التصاعدية خطيرة ... و الديمقراطية دون احزاب غير ممكنة ... كل هندسة اخرى تعيدنا إلى نقطة الصفر ...