التَّوَحُّد هذا المرض الفريد من نوعه هو اضطراب سلوكي يظهر عادةً لدى الأطفال قبل السنة الثالثة من العمر و يؤثر على نشأة الطفل وتطوره. لا يوجد حالياً علاج يُشفي من التَّوَحّد فالطفل المريض يعيش بقية حياته مع هذا المرض ولكن الكشف و التحري عن المرض في وقت مبكر يسمح بالاستفادة من كثير من الخيارات العلاجية التي يمكن أن تساعد الشخص على التعايش معه و تتحسن قدرة معظم الأطفال على إقامة العلاقات مع الآخرين، وعلى التواصل وخدمة أنفسهم عندما يكبرون. و لكن للاسف يعاني المتوحد في بلادنا من التهميش و يجد أهله صعوبة كبيرة في العناية به خاصة عندما يبلغ سن الدراسة و لا تقبله المدارس و الادهى و الأمر أن لا يجد فضاء تربوي يحتضنه باستثناء بعض الجمعيات الناشطة في المجال و التي تعجز عن ايواء كل الاطفال المصابين بهذا المرض. والدليل في صفاقس مثلا هناك مركز وحيد بحتضن أطفال التوحد و قائمة الانتظار للأطفال الذين ينتظرون دورهم للايواء بهذا المركز يعدون بالعشرات و حتى بالمئات, السؤال المطروح لماذا يلقى المتوحد في بلادنا كل هذا الاهمال و تنتزع أدنى حقوقه في العلاج و التعلم و التربية أليس هو بانسان؟ أليس مواطنا تونسيا من واجب الدولة أن ترعاه و تحميه و توفر له أدنى مقومات العيش؟ الاعتراف بوجود تقصير كبير في التعامل مع التوحد ضروري أكثر من أي وقت مضى، و الحل لا يكون الا باحداث خطة وطنية شاملة لتشخيص مرضى التوحد و تدخل الدولة العاجل و المبكر لتوفير أبسط حقوق المواطن من التربية والتعليم لهذه الفئة -التي عانت سنين طويلة من التهميش – مما يساعد في تحسن حالتهم ودمجهم في المجتمع في المستقبل.