بعد وقوفه على القرار الصادر في القضية عدد 419187 بتاريخ 30 ديسمبر 2015 في مادة توقيف التنفيذ من الرئيس الأول للمحكمة الإدارية السيد محمد فوزي بن حماد والمتضمّن "الاذن بتوقيف تنفيذ الأمر عدد 1375 لسنة 2015 المؤرخ في 08 أكتوبر 2015 والمتعلق بإجراء الحركة القضائية وتنفيذها فيما قضى به من نقلة المدعي من المحكمة الابتدائية ببنزرت الى المحكمة الابتدائية بباجة وذلك إلى حين البت في الدعوى الأصلية". وبعد الاطلاع على الحركة القضائية لسنة 2015-2016 المعدّة من الهيئة الوقتية للقضاء العدلي والصادرة بمقتضى الأمر الحكومي عدد 1375 لسنة 2015 المؤرخ في 08 أكتوبر 2015 والمنشورة بالرائد الرسمي لسنة 2015 العدد 81 بتاريخ 09 أكتوبر 2015. وبعد الاطلاع على القانون الأساسي عدد 13 لسنة 2013 المؤرخ في 02 ماي 2013 المتعلق بإحداث هيئة وقتية للإشراف على القضاء العدلي وخصوصا أحكام الفصل 12 التي تنصّ على أنّ الهيئة تنظر في "إعداد حركة القضاة من تسمية وترقية ونقلة" وتدرس "طلبات التعيين والنقل بالاعتماد على المعايير الدولية لاستقلال القضاء" إضافة الى تنصيصها على أنّه " لا يمكن نقلة القاضي خارج مركز عمله ولو في إطار ترقية أو تسمية في خطة وظيفية إلاّ برضاه المعبّر عنه كتابة" وأنّ هذه الأحكام لا تحول "دون نقلة القاضي مراعاة لما تقتضيه مصلحة العمل" وأنّه "يقصد بمصلحة العمل المصلحة الناشئة عن ضرورة تسديد شغور أو التسمية بخطط قضائية جديدة أو مواجهة ارتفاع بيّن في حجم العمل بإحدى المحاكم أو توفير الإطار القضائي عند إحداث محاكم جديدة". وبعد الاطلاع على الفصل 107 من الدستور الذي يقتضي أنّه "لا ينقل القاضي دون رضاه ولا يعزل كما لا يمكن إيقافه عن العمل أو إعفاؤه أو تسليط عقوبة تأديبية عليه إلاّ في الحالات وطبق الضمانات التي يضبطها القانون وبموجب قرار معلل من المجلس الأعلى للقضاء". أوّلا- يفيد بأنّ المدعي في القضية المبيّنة أعلاه السيد نجيب بن حمودة قد طلب بتاريخ 19 نوفمبر 2015 الإذن بتأجيل وتوقيف تنفيذ الحركة القضائية فيما قضت به من نقلة المدعي من مكان عمله بالمحكمة الابتدائية ببنزرت الى المحكمة الابتدائية بباجة وقد استند إلى خمسة أسباب رئيسية: 1- مخالفة أحكام الفصل 107 من الدستور بمقولة أنّ القرار المطعون فيه جاء جزافيّا وغير معلل خاصّة وأنّه لم يبد رغبته في النقلة مطلقا. 2- خرق أحكام الفصل 12 من القانون الأساسي عدد 13 لسنة 2013 المتعلق بإحداث الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي والمعايير الدولية لاستقلال القضاء. 3- انعدام السبب الجدي والقانوني لتبرير النقلة ولو بصفة استثنائية لمصلحة العمل لأنها لم تكن بغاية تسديد شغور أو التسمية بخطة قضائية جديدة أو في إطار مواجهة ارتفاع في حجم العمل أو توفير إطار قضائي لمحكمة جديدة ذلك أنّ المدعي احتفظ برتبته وخطته السابقة بمحكمة بنزرت كمستشار بالدائرة الجنائية وان العمل بمحكمة باجة عادي 4- الانحراف بالإجراءات بمقولة أن النقلة تمت بناء على شكاية كيدية إضافة إلى أنه لم يصدر عن العارض أي تقصير في تأدية واجبات خطته كما لم يصدر ما يمس بكرامة وظيفه. 5- صعوبة تدارك نتائج القرار بالنظر إلى ما له من تأثير عميق على الوضعية القانونية للمدعي وحالته المالية والاجتماعية والنفسية إضافة للضرر الأدبي في خصوص ما انطوت عليه النقلة من مسّ من سمعته داخل وخارج الوسط القضائي وهو ما من شأنه أن يعرّض وضعيته وتدرجه في مساره المهني للتجميد فضلا عن أن حالته الصحية لا تسمح بتحمّل أعباء السفر والتنقل. ثانيا- يلاحظ أن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي قد تمسكت ردّا على تلك المستندات بأنّ المطلب المقدم من المدعي لا تتوفر فيه شروط توقيف التنفيذ المنصوص عليها بالفصل 39 من القانون المتعلق بالمحكمة الإدارية لعدم استناده إلى اسباب جدية كما أنه ليس من شأنه أن يتسبب في نتائج يصعب تداركها بعد أن تم تنفيذ الحركة القضائية بداية من 16 سبتمبر 2015 والتحاق المدعي بمركز عمله الجديد ومباشرة مهامه به. ثالثا- يفيد بأنّ الرئيس الأول للمحكمة الإدارية قد قرّر الإذن بتوقيف تنفيذ الأمر الحكومي موضوع المطلب وذلك استنادا إلى أنّ أسانيد العارض "تتّسم بالجدية الكافية لترجيح كفة عدم شرعية الأمر المطعون فيه ولما له من تداعيات على سير مرفق العدالة من جهة تأثيره السلبي على التزام القضاة بمبادئ الاستقلالية والحياد والثقة في عمل الهيئات والسلط المشرفة على القضاء…" رابعا- يشير إلى أنّ الهيئة الوقتية للقضاء العدلي قد امتنعت إلى الآن من تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة الإدارية في القضية عدد 419187 إضافة إلى جملة من القرارات الأخرى رغم صدور الإعلام بها طبق القانون ويعتبر أن رفض التنفيذ أو إرجاءه إلى الحركة القضائية المقبلة قد يتسبب في تداعيات خطيرة، علما وأن بعض الجلسات الحكمية في عدد من المحاكم قد شهدت طعونا من بعض المحامين في التركيبة القضائية لمشاركة القاضي المعني بتوقيف التنفيذ، وقد اضطرت الهيئات القضائية بعد التمسك بالقوادح القانونية إلى حلّ المفاوضة لتغيير تركيبة الهيئة. خامسا- يجدد تأكيده على أهمية الرقابة القضائية على أعمال المجالس العليا للقضاء أو الهيئات الشبيهة بها خصوصا فيما يتعلق بتطبيق مبدأ عدم نقلة القاضي إلاّ برضاه ومدى اعتمادها على المعايير الدولية لاستقلال القضاء عند نظرها في الحركة القضائية. سادسا- يؤكد على مجموعة الضمانات المقررة لحماية القاضي بمناسبة النظر في إعداد حركة القضاة ويعتبر أن مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل المنصوص عليه بالفصل 107 من الدستور هو المبدأ الأساسي الذي تختصر فيه ضمانات الاستقلالية، فلا يمكن تطبيقا له أن ينقل القاضي أو يعفى أو يوقف خارج الحالات والشروط التي يقتضيها القانون. سابعا- يعتبر أن مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل لا يتعارض مع التدابير الفردية الهادفة الى تسليط الجزاء على القضاة المقصرين وتشجيع المجتهدين غير أن ذلك يستوجب النأي عن الممارسات "التحكمية" ومراعاة الشروط القانونية حتى لا تؤدي الحركة القضائية الى تسليط العقوبات التأديبية وإفراغ مبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه من كل محتوى . ثامنا- يدعو الهيئة الوقتية للقضاء العدلي إلى تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة الإدارية بتاريخ 30 ديسمبر 2015 وكافة القرارت الأخرى الصادرة لنفس الأسباب تطبيقا لما يقتضيه القانون المؤرخ في 01 جوان 1972 المتعلق بالمحكمة الادارية الذي يوجب على الجهة الإدارية المصدرة للمقرّر المطعون فيه أن تعطّل العمل به فور اتصالها بالقرار القاضي بتأجيل التنفيذ أو توقيفه (الفصل 41) واعتبارا كذلك لكون القرارات الصادرة بتوقيف التنفيذ تصطبغ بنفس النفوذ المقرر لأحكام الإلغاء. عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء الرئيس أحمد الرحموني