انطلقت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي في إعداد الحركة القضائية 2016/2017 بداية من يوم 13 أفريل 2016 وذلك من خلال ضبط التصور العام للحركة وتحديد أهدافها وضبط معاييرها ونشرها، بعد الاستماع إلى المسؤولين الأول عن المحاكم وأعضاء الهياكل الممثلة للقضاة وتجميع مطالب الترقية والنقل والتعيين وتخزينها بالمنظومة الإعلامية، وتمت المصادقة عليها من الجلسة العامة للهيئة المنعقدة بتاريخ 7 أوت 2016. وقد اتسمت الحركة القضائية 2016-2017 أساسا بما يلي: – ارتفاع عدد الشغورات بالخطط القضائية في الرتبة الثالثة نظرا لبلوغ عديد القضاة سن التقاعد وإنهاء التمديد لعدد آخر فضلا عمن تم إلحاقهم أو الاستجابة لمطالب الاستقالة، – الحاجة الملحة لتسديد الشغورات الناجمة عن فتح محكمة الاستئناف بالقيروان وفرع المحكمة العقارية بتطاوين، وإحداث دائرتين جنائيتين بكل من المحكمتين الابتدائيتين بالمهدية وسليانة ، – الحاجة إلى تعزيز النيابة العمومية بعدد إضافي من قضاة الرتبة الأولى مواكبة لدخول القانون عدد 5 لسنة 2016 المؤرخ في 16 فيفري 2016 المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة الإجراءات الجزائية حيز النفاذ، وما يستتبع ذلك من أعباء إضافية على كاهل مساعدي وكلاء الجمهورية. – ارتفاع عدد مطالب النقل الواردة على الهيئة خاصة من طرف القضاة المباشرين بالمحاكم الداخلية – تخرج الفوج عدد 26 للملحقين القضائيين من المعهد الأعلى للقضاء والذين تمت تسميتهم بمناسبة هذه الحركة القضائية. أهداف الحركة القضائية من البديهي أن تتجه كل حركة قضائية الى تحقيق جملة من الأهداف تُكوّن مشروعا متكاملا تتحدد ملامحه بحسب الحاجيات التي تفرضها كل مرحلة وما يتوفر للهيكل المشرف على القضاء من معطيات ووسائل عمل تكفل تحقيق الأهداف المرسومة. ففي حين قامت الحركتان القضائيتان لسنتي 2013-2014 و2014-2015 أساسا على رفع المظالم وتعزيز استقلال القضاء والقضاة، وهو خيار أملته معطيات واقعية تتعلق بضرورة تسوية الوضع القضائي الموروث، فإن الحركة الحالية تمثل تتمة للحركة القضائية لسنة 2015-2016 والتي كان الهدف منها من جهة رفع كفاءة أداء المؤسّسة القضائيّة وتطوير جودة العمل القضائي وتحسين الخدمات المسداة للمتعاملين مع المؤسسة القضائية، وتعزيز الثقة في القضاء من جهة أخرى، وذلك من خلال إعطاء الأولوية لشرطي الكفاءة والنزاهة في إسناد الخطط والوظائف القضائية واعتبار عنصر الأقدمية كمعيار للترجيح بين المتناظرين في صورة التساوي. وتجسيدا للأهداف المرسومة، تدخلت الهيئة ضمن خمسة محاور أساسية وهي: إسناد المسؤوليات ومراجعة بعض التسميات وتسديد الشغورات والنظر في مطالب النقل وتسمية الملحقين القضائيين. المحور الأول :إسناد المسؤوليات إن الحاجة إلى تطوير العمل القضائي تقتضي العمل على حسن اختيار القضاة المؤهلين لشغل المسؤوليات بما يضمن تعزيز قدرات المؤسسة القضائية وتحسين أدائها. ولهذا الغرض كان لزاما اعتماد الكفاءة والنزاهة كمعيارين أساسين في إسناد المسؤوليات وتيسّر إعداد هذه الحركة لسهولة النفاذ للمعطيات المتعلقة بالمسار المهني للقضاة وملفاتهم الشخصية، كما تمّ اعتماد منظومة معلوماتية للتصرّف في الموارد البشرية المعدّة من الهيئة بمساعدة برنامج دعم إصلاح القضاء، إضافة للمعطيات الإحصائية ونتائج أعمال التفقد المقدمة من التفقدية العامة وتقارير جلسات الاستماع المجراة مع المسؤولين عن المحاكم. وهو ما سمح بتقييم شامل للقضاة من حيث الكفاءة والنزاهة كما تم اعتماد السمعة الرائجة للقضاة وفق المعايير الدولية لاستقلال القضاء ونزاهته، وذلك ضمانا لتوفر شرطي النزاهة والحياد المنصوص عليهما بالفصل 103 من الدستور وتعزيزا للثقة العامة في المؤسسة القضائية. المحور الثاني :مراجعة بعض التسميات دأبت الهيئة منذ إحداثها على اعتبار أن تقلد المسؤوليات والخطط القضائية في مختلف الرتب يُعد تكليفا مستحقا ممن تؤنس فيه النزاهة والكفاءة، خلافا للترقيات والتدرج في الرتب القضائية. ويجدر التوضيح في هذا السياق أن الإعفاء من الوظائف والمسؤوليات القضائية لا يمثل عقوبة تأديبية وفق سلم العقوبات المنصوص عليها حصرا بالفصل 52 من القانون الأساسي عدد 29 لسنة 1967 المؤرّخ في 14 جويلية 1967 والمتعلق بنظام القضاء والمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاة، وذلك للاعتبارات التالية: – أن سحب الخطة لا يستند بالضرورة لخطأ مهني وإنما قد يقوم أيضا على اعتبارات تهم حسن سير المرفق أو الملاءمة بين كفاءات القاضي وقدراته من جهة وما تستدعيه الوظيفة أو الخطة من متطلبات من جهة أخرى، – أن السلطة التقديرية التي تؤسس لإسناد الخطة أو الوظيفة القضائية، يمكن أن تؤسس لاحقا لمراجعة وجاهة التسمية عند الاقتضاء، – ضرورة العمل على تسمية الشخص المناسب في الخطة المناسبة بما يخدم مصلحة المتقاضي، باعتبار أن ضمان حسن سير القضاء واستقلال قراره وثقة الناس فيه، تُعدّ الخط الناظم لعمل الهيئة والمعيار الفيصل سواء في إسناد الخطط والوظائف القضائية أو الإعفاء منها، – أن مقتضيات الرقابة المستمرة والتقييم الدوري باعتبارهما من شروط الشفافية، تفرض إعادة تقييم أداء شاغل الخطة بعد فترة من التسمية للوقوف على مدى وجاهة قرار إسناده تلك الخطة من عدمه، وتقتضي إعادة النظر فيها متى ثبت وجود نقائص تبرر مراجعة التسمية. وفي هذا الإطار تولت الهيئة مراجعة بعض التسميات القضائية بناء على تقارير من التفقدية العامة وعلى ما تم تسجيله بمناسبة جلسات الاستماع المخصصة للمسؤولين الأول على المحاكم، وذلك لانتفاء شروط إسناد تلك الخطة سواء تعلقت بالكفاءة أو بالاستقلال أو بالنزاهة. المحور الثالث:تسديد الشغورات تتولى الهيئة في كل سنة قبل الشروع في إنجاز الحركة نشر قائمة الشغورات المعلومة مسبقا، وتدعو القضاة إلى عدم التقيد بالشغورات المعلنة عند الطلب، وهو ما يفسّر ورود عديد مطالب ترشح لخطط ووظائف قضائية غير معلنة بقائمة الشغورات وقد تم تخزينها بالمنظومة ويتم الرجوع إليها عند شغور منصب جديد لاستعراض جميع الراغبين والمفاضلة بينهم. وقد واجهت الهيئة في هذا الصدد صعوبات جدية عند سدّ الشغورات على مستوى محاكم القصرينوالكافوسيدي بوزيدوقفصةوقابس ومدنين وذلك لعدة أسباب واقعية أهمها عدم وجود رغبات في الالتحاق للعمل بها وسبق تعزيز تلك المحاكم بنقل لمصلحة العمل تفرض بعد سنة إرجاع شاغليها لمراكز عملهم الأولى مع الاستجابة لمطالب النقل لمن قضى مدة طويلة بتلك المراكز مما يفتح شغورات جديدة كل سنة. وقد اضطرّت الهيئة على غرار السنة الفارطة لإجراء حركة نقل هامة لسد الشغورات في تلك المناطق لمصلحة العمل وقد تم التنصيص على طبيعة تلك النقل بمحضر الجلسة وبالحركة اعتمادا على مقتضيات الفصل 12 من القانون الأساسي المحدث للهيئة وذلك بتسجيل عدم وجود رغبات في المواقع اللازم تسديدها بعد نشر قائمة الشغورات المعلنة وتفعيل قاعدتي التناوب والمساواة المنصوص عليها بالفصل المذكور وذلك بنقلة القضاة ممن لم يسبق نقلتهم من مراكز عملهم أثناء مسيرتهم المهنية على خلاف زملاء لهم تحملوا عبء التنقل لمحاكم خارج مراكز عملهم الأولى في مراحل سابقة من مسيرتهم المهنية. كما اضطرت الهيئة في مرحلة لاحقة نظرا لبقاء مواقع شاغرة بعد عملية النقل الأولى لإجراء حركة نقل ثانية حتى بالنسبة للقضاة السابق نقلتهم و لكن مع اختيار من نقل إما لمراكز قريبة أو لمدة قصيرة وتجنيب من تحملوا أكثر من غيرهم أعباء نقل متعددة أو لمدد طويلة نسبيا، النقلة مجددا لمصلحة العمل في تأويل مقاصدي لمفهوم التساوي والتناوب المنصوص عليها بالفصل 12 المشار إليه. أما فيما يتعلق بالمحاكم المشمولة بالنقل لمصلحة العمل فقد اشترط الفصل 12 أن تكون من أقرب مركز عمل للمركز المطلوب تسديده. وهو ما يفترض أن تكون المحكمة الأقرب بها عدد هام من القضاة يسمح بإجراء عملية النقل منها، الأمر غير المتوفر في المحاكم الأقرب للمراكز المطلوب تسديدها فعلى سبيل المثال وبمناسبة إحداث محكمة الاستئناف بالقيروان، من المفروض أن يتم ذلك من المحاكم الأقرب وهي سوسة والمنستير وسليانة وسيدي بوزيد، غير أن تلك المحاكم تشهد بدورها شغورات هامة وتحتاج لتعزيز، مما اضطر الهيئة إلى استكمال سد الشغورات بمحكمة الاستئناف بالقيروان من محاكم تونس الكبرى باعتبارها أقرب دائرة استئناف بعد استبعاد المحاكم الأقرب التي تشكو بدورها نقصا في الإطار القضائي، في حين تم سد الشغورات بمحاكم القصرينوسيدي بوزيد وقفصه أساسا من دوائر استئناف صفاقسوسوسة والمنستير وفي بعض الحالات من تونس ومحاكم سوسة والمنستير بالنسبة لسيدي بوزيدوالقصرين، مع اعتماد تمييز إيجابي بالنسبة للقاضيات في نقلتهم للمحاكم الأقرب مقارنة بزملائهم من القضاة دون إقصائهم تماما من حركة النقل التي شملتهم أيضا، كاعتماد تمييز إيجابي أيضا لفائدة قضاة المحكمة العقارية لما يتميّز به عملهم اليومي من تنقّل لمسافات طويلة في إطار التوجهات العينية والأعمال الميدانية. وقد أدت تلك النقل إلى حصول شغورات جديدة هامة بمحاكم صفاقس تطلّب تسديدها إجراء حركة نقل من محاكم سوسة ونابل. وشعورا من الهيئة بالأعباء الإضافية التي يتحملها القضاة عند نقلتهم لمصلحة العمل في غياب نظام تحفيز مالي مقنّن عند العمل بالمناطق الداخلية على غرار ما هو معمول به في عدة أنظمة قضائية مقارنة أوما هو معمول به وطنيا في قطاعات أخرى (أطباء الاختصاص …) فقد دأبت الهيئة على أن تكون النقلة لمصلحة العمل مقترنة بترقية للتخفيف من الأعباء المستجدة، كما تم تحفيز بعض القضاة الواقع تسميتهم بالمحاكم الداخلية في بعض الحالات بترقيات قبل زملائهم من نفس الفوج وإسناد البعض منهم خططا وظيفية. ويلاحظ أن الهيئة واجهت بعض الصعوبات في خصوص تسمية القضاة بالخطط الوظيفية بالرتبة الأولى (قضاة النواحي، قضاة المؤسسة، قضاة الضمان الاجتماعي، مساعدي وكيل الجمهورية…) لعدم وجود الإطار القضائي الذي تتوفر فيه الشروط القانونية لشغل مثل هذه الوظائف، وهو ما يفسر لجوء الهيئة لاعتماد آلية التكليف على مستوى قلم الادعاء وإبقاء بعض الخطط شاغرة. وقد أفضت عملية تسديد الشغورات بالمحاكم إلى نقلة قضاة لمصلحة العمل شملت: عدد 13 قاضيا من الرتبة الثالثة، عدد 31 قاضيا من الرتبة الثانية، عدد 06 قضاة من الرتبة الأولى. و التزمت الهيئة عند تسديد هذه الشغورات باحترام الإطار القانوني المنظم للنقلة لمصلحة العمل دون حياد عن أهداف الحركة وهي الرفع من مستوى جودة العمل القضائي واختيار القضاة الأنسب للمراكز المراد تسديدها من حيث التكوين والخبرة وميزات الشخصية حسب طبيعة الخطة. المحور الرابع :النظر في مطالب الترقيات والنقل: أولا: في الترقيات: تمسكت الهيئة خلال هذه الحركة القضائية بإعمال مبدأ الترقية الآلية كما تم تكريسه في الحركات السابقة، رغم ما أفضى له تطبيق هذا المبدأ من اختلال التوازن بين مختلف الرتب القضائية، وذلك وعيا منها بأن الحل لا يكون على حساب حق القضاة المكتسب في الترقية الآلية وإنما يفترض سن حلول جذرية بالقانون الأساسي للقضاة على غرار إقرار مبدأ الفصل بين الخطة القضائية والرتبة. وفي هذا الإطار تولت الهيئة: – ترقية 66 قاضيا من الرتبة الأولى إلى الرتبة الثانية ممن قضوا مدة 11 عاما مباشرة فعلية بالرتبة الأولى. – ترقية قاضيين اثنين قضيا مدة 10 أعوام مباشرة فعلية بالرتبة الأولى، – ترقية 33 قاضيا من الرتبة الثانية لهم أقدمية 18 عاما مباشرة فعلية للقضاء فما فوق مع 6 سنوات أقدمية في الرتبة الثانية أو ممن قضوا مدة 7 سنوات مباشرة فعلية بالرتبة الثانية، – ترقية 06 قضاة ممن لهم أقدمية ست سنوات مباشرة فعلية في الرتبة الثانية و17 سنة أقدمية في القضاء استثنائيا، لتسديد الشغورات الحاصلة بالمناطق الداخلية (قفصةوالقصرينوالكاف وجندوبة وسليانة) في خطط قضائية غير مرغوب فيها، ثانيا: في النقل: في إطار سعي الهيئة إلى ضمان المساواة بين كافة القضاة وقاعدة التداول على تحمل أعباء العمل القضائي بما في ذلك حركة النقل لمصلحة العمل، حرصت على الاستجابة لأكبر عدد ممكن من مطالب النقل دون إخلال بما يفرضه حسن سير العمل القضائي بالمحاكم الداخلية وضرورة توفير الإطار القضائي اللازم والحد الأدنى من الاستقرار. وبناء على ذلك تم النظر في مطالب النقل اعتمادا على مركز العمل والمدة المقضاة به، وفق المعايير الآتي بيانها: – الاستجابة لمطالب نقل السادة القضاة الذين تمت نقلتهم لمصلحة العمل في الحركة القضائية 2015/2016، – الاستجابة لمطالب نقل السادة القضاة من الرتبة الأولى الذين قضّوا مدة ثلاث سنوات عمل فما فوق بالمحاكم غير المطلوبة منهم، – تعذر الاستجابة لمطالب نقل السادة قضاة الرتبة الأولى ممن قضوا سنتي عمل بالدوائر الاستئنافية بمدنين – قفصة – قابس – الكاف، سيدي بوزيد، القصرين، وذلك ضمانا لحسن سير العمل بتلك الدوائر القضائية وتحقيقا للحد الأدنى من الاستمرارية والأمان القضائي بها من جهة، ومحدودية طاقة استيعاب المحاكم المرغوب فيها من جهة أخرى (باستثناء حالة وحيدة تمت الاستجابة لمطلب النقلة فيها مراعاة لظروف إنسانية خاصة ثابتة ومبررة) ، المحور الخامس : تسمية الملحقين القضائيين: تولت الهيئة تسمية مائة (100) ملحق قضائي تحصلوا على شهادة ختم الدروس بالمعهد الأعلى للقضاء من الفوج 26 واعتمدت الهيئة في تعيينهم بمختلف المحاكم على المراحل والمعايير التالية: أولا: قامت الهيئة بتحديد حاجيات المحاكم الابتدائية وتبين لها أن المحاكم الابتدائية بكل من تونس الكبرى وبنزرت وقرمبالية وزغوان، قد استوفت حاجتها من قضاة الرتبة الأولى وذلك تبعا لتسديدها بمقتضى الاستجابة لطلبات النقل ممن قضوا مدة ثلاث سنوات عمل فما فوق بالمحاكم الأخرى، وهو ما أفضى إلى عدم تسمية أي ملحق قضائي بمحاكم تونس الكبرى وبنزرت وقرمبالية وزغوان. ثانيا: تولت الهيئة ترتيب المحاكم تفاضليا حسب حجم مطالب التعيين المقدمة، بما في ذلك فروع المحكمة العقارية. ثالثا: اعتمدت ترتيب الملحقين القضائيين حسب نتائجهم و المفاضلة بينهم في التعيين مع مراعاة الطلبات المقدمة من قبلهم وحاجيات المحاكم ومقر الإقامة عند الاقتضاء./. تونس في 7 أوت 2016