المغرب ينجح في العبور إلى نهائي كأس العرب..#خبر_عاجل    ذكرى ثورة 17 ديسمبر: برنامج احتفالي متنوّع في سيدي بوزيد    في يوم واحد: إجراء 13 عمليّة زرع وصلة شريانيّة لمرضى القصور الكلوي بهذا المستشفى الجهوي    في اللّيل:أمطار رعدية وغزيرة في معظم الجهات    عاجل: عملية بيضاء في مطار صفاقس طينة الدولي... التفاصيل    زغوان: إسناد دفعة ثانية من القروض الموسمية لدعم قطاعي الزراعات الكبرى والزياتين (فرع البنك التونسي للتضامن)    احتجاجات القيروان: هذا ما تقرّر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة السابعة للايام التجارية للصناعات التقليدية في هذه الفترة    توننداكس ينهي معاملات أوّل حصّة من الأسبوع على وقع سلبي    نابل: تدعيم المستشفى المحلي بقرمبالية بوحدة متنقلة للإسعاف والإنعاش    3 أطفال بمفردهم في المنزل...الحريق ينهي حياتهم في لحظات!    سلوك مشين في الطائرة.. لاعب نادي الهلال كانسيلو يعتدي على راكب    قسم العربيّة بكليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة ينظم لقاء علميا يوم 18 ديسمبر الجاري احتفاء باليوم العالمي للغة العربية    توضيح رسمي: شنيا الفرق بين نسبة الفائدة ونسبة الرباء ؟    انيس بوجلبان مدربا جديدا لمنتخب تحت 23 سنة خلفا لعبد الحي بن سلطان    عاجل: نقابات التعليم تعلن وقفة احتجاجية وطنية في هذا التاريخ    آخر آجال إستكمال إجراءات السفر الى البقاع المقدسة..#خبر_عاجل    يوم دراسي برلماني لمناقشة مقترح قانون متعلق بالفنان والمهن الفنية    القصرين: الوضع الوبائي المرتبط بالامراض الحيوانية مستقر...لكن    انتخاب وحيد العبيدي رئيسًا للاتحاد الإسلامي العالمي للكشافة والشباب    هند صبري تكشف حقيقة خلافها مع هذه الممثلة    معز بن غربية ينضم رسميا إلى قناة تونسنا    اتحاد الفلاحين: سعر خروف العيد سيتجاوز الألفي دينار.. لهذه الاسباب #خبر_عاجل    القيروان: النيابة العمومية تفتح بحثا تحقيقيا للكشف عن ملابسات وفاة شاب من حي علي باي    صادم: عملية طبية نادرة ولكنها نجحت.. نمو أذن امرأة في قدمها...والسبب؟    عاجل: الإفريقي يطالب بهزم الترجي جزائيًا بعد الدربي..والسبب البوغانمي    عاجل: أمطار وفيضانات تحصد الأرواح وتُعطّل الدراسة بعدة دول عربية    بطولة كرة اليد: كلاسيكو النادي الإفريقي والنجم الساحلي يتصدر برنامج مباريات الجولة الثامنة إيابا    الرابطة الثانية: عثمان الشهايبي مدربا جديدا لمستقبل القصرين    اتحاد بن قردان يكشف برنامج مبارياته الودية خلال تربص بسوسة    عاجل/ احباط تهريب رجلي أعمال ممنوعين من السفر عبر الحدود البرية..    المغرب : 37 حالة وفاة جرّاء سيول آسفي    جربة: تنظيم المؤتمر الدولي الثالث للرياضيات وتطبيقاتها في هذا الموعد    جمع أكثر من مليون دولار لبطل هجوم أستراليا    العثور على هذا المخرج وزوجته جثتين هامدتين داخل منزلهما..#خبر_عاجل    خبر سارّ للتوانسة: إنخفاض سوم الدجاج في رأس العام    مسؤول بوزارة الصحة للتونسيات: ''ما تشريش الكحُل'' من السواق    شنيا يصير لبدنك وقلبك وقت تاكل شوربة العدس؟    الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا يعقد مجلسه الوطني من 19 الى 21 ديسمبر 2025 بمدينة سوسة    هيئة السلامة الصحية للأغذية: حجز وإتلاف مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك وغلق محلات لصنع المرطبات    أيام قرطاج السينمائية 2025: فيلم "كان يا مكان في غزة" يركز على الهشاشة الاجتماعية لشباب القطاع المحاصر ويضع الاحتلال خارج الكادر    القيروان: الدورة الثالثة ل"مهرجان الزيتون الجبلي وسياحة زيت الزيتون التونسي"    من بينهم تونسيون: "ملتقى الفنانين" بالفجيرة يحتضن 90 فنانا من العالم    10 سنوات سجنا في حق كاتب عام نقابة أعوان وموظفي العدلية سابقا    بطولة كرة السلة: نتائج مباريات الجولة الثالثة إيابا.. والترتيب    الحماية المدنيّة تسجّل 425 تدخلا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية    حجز 1400 قطعة مرطبات مجمّدة غير صالحة للإستهلاك..#خبر_عاجل    بداية من جانفي: إذا دقّوا عليكم الباب...راهو استبيان على النقل مش حاجة أخرى    الزهروني: إيقاف مشتبه به في جريمة طعن تلميذ حتى الموت    شنيا حقيقة امضاء لسعد الدريدي مع شباب قسنطينة؟..بعد جمعة برك في باردو    عاجل: جمعية القضاة تحذر: ترهيب القضاة يهدد العدالة في تونس    بعد هجوم سيدني.. أستراليا تدرس تشديد قوانين حيازة الأسلحة    إقرار تجمع عمالي أمام شركة نقل تونس ومقاطعة اشغال اللجان (الجامعة العامة للنقل)    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحبيب قيزة الأمين العام للجامعة العامة التونسية للشغل يدعو لحماية الفئات الضعيفة
نشر في صحفيو صفاقس يوم 26 - 10 - 2016


تعيش بلادنا أزمة إقتصادية وإجتماعية خانقة تتمثل حسب الإحصائيات الرسمية في تواصل تدهور نسبة النمو في حدود 1,5 بالمائة وتجاوز نسبة التداين ال 60 بالمائة من الناتج الوطني الخام إلى جانب إرتفاع التضخّم مسجّلا 4,3 بالمائة، كما فقد الدينار 50 بالمائة من قيمته التبادلية مقارنة باليورو وشهدت المقدرة الشرائية تدهور ب 40 في المائة مقارنة بسنة 2010، في حين بلغت نسبة البطالة حوالي 15,3 بالمائة وبلغ عجز الميزانية 6,5 بالمائة. كما أصبح القطاع غير المنظم يشكّل نصف الاقتصاد الوطني و ارتفع عجز صندوق التعويض إلى 7 مليار دينار ، و بلغ عجز الصناديق الإجتماعية حوالي المليار دينار ، إضافة إلى رداءة الخدمات الإجتماعية التي تميّز قطاعات الصحة والسّكن والتعليم والنقل والثقافة أيضا … وتزداد الوضعية سوءا عندما نتطرّق إلى تفاقم الفوارق الإجتماعية بين الفئات والجهات وخصوصا ضمور الطبقة الوسطى قوّة التوازن في المجتمع الّتي تقلّصت من 80 إلى 67 بالمائة مقابل ارتفاع شريحة أثرياء ما بعد الثورة الّذي بلغ عددهم 6500 مليونير بالدولار طبعا و سبعين مليارديرا، ثروة هؤلاء تتجاوز ميزانية الدولة ب38 مرة حسب مكتب الدراسات البريطاني وبذلك احتلّت تونس المرتبة السابعة إفريقيا في قائمة الأثرياء متجاوزة الجزائر والمغرب و ليبيا. من النتائج الأبرز لهذه الحصيلة السلبية تراجع مكانة الدولة وفسح المجال واسعا لإبتزازها وإقدام أعداد متزايدة على عدم اِحترام القانون والتطاول على ممثلي الدولة والهيئات الرسمية وإطلاق العنان للإحتجاجات الإجتماعية العنيفة وغير المؤطرة ، كما لا ننسى ما أصبحنا نعيشه من تغوّل لبارونات الفساد والإفساد وتسلّطهم على المجتمع وتوظيفهم لمنظماته المدنية وابتزاز بعضها بقوّة المال. هذا الوضع الكارثي، يحمّل الحركة النقابية التونسية ككل مسؤولية تاريخية للدفاع عن مصالح الوطن والأجراء بكل الوسائل المشروعة النضالية منها والمعرفية وأن تكون قوة إقتراح ضمن تصوّر مجتمعي مواطني والتّمسك برفض مطالبة الأجراء دون سواهم بالتضحية وتحميلهم فاتورة فشل سياسات لم يكونوا شركاء فيها. ونسجّل في هذا الإطار بكلّ مرارة فشل الخطّة المطلبية النقابية التقليدية الحالية القائمة على المطالبة بالزيادة في الأجور في غياب مقاربة متكاملة ، فهي تقوم على مفارقة تتمثّل في الزيادة في الأجور من ناحية و تدهور المقدرة الشرائية من ناحية أخرى، ممّا أدّى ولا يزال يؤدّي إلى تفقير العمّال وتفاقم تداينهم وتدهور مقدرتهم الشرائية بنسبة 40 في المائة مقارنة بسنة 2010 بالرغم من تضاعف حجم الأجور خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث ارتفعت من 6,7 مليار دينار سنة 2010 إلى 13,4 مليار دينار سنة 2016 مما اضطرار الحكومات المتعاقبة على التداين لتسديد الأجور والإستهلاك، الأمر الّذي فاقم المديونية والتضخم و تدهور قيمة صرف الدينار وأنزل المقدرة الشرائية عدّة درجات رغم ما صاحب هذا الحراك الإجتماعي والإقتصادي من إضرابات واِعتصامات و احتجاجات غطّت كافة الميادين و القطاعات مما أنهك المواطن العادي و نفره من العمل النقابي و الإجتماعي و جعله يحنّ إلى الماضي الإستبدادي وإلى منطق الحزم وهو ما يشكّل أكبر تهديد لمسار الانتقال الديمقراطي. إلا أن هذه الحالة الكارثية التي وصلنا إليها لا يجب أن تحجب عنّا الكم الهائل من الإنجازات والنجاحات الّتي تحققت بفضل الثورة في مجال الحقوق المدنية والسياسية والمطلوب اليوم هو استنباط طريقة تكفل التوازن بين الحقوق المدنية والسياسية من جهة والحقوق الإقتصادية والإجتماعية من جهة أخرى، بما يضمن نجاح الانتقال الديمقراطي. انطلاقا من هذه الخلفية و من خلال قراءة هادئة و متزنة للوضع العام بالبلاد دعت الجامعة العامة التونسية للشغل إلى مراجعة الإستراتيجية المطلبية للحركة النقابية على اعتبار أنها خاطئة و مجانبة للواقع واعتماد مقاربة جديدة للدفاع عن مصالح الأجراء تأخذ بعين الإعتبار التحولات التي شهدها مجتمعنا في العشرية الماضية و رفض اِحتكار التفاوض من قبل منظمة واحدة مهما بلغت شرعيتها التاريخية ومهما كانت تمثيليتها قطاعيا ونحن في الجامعة العامّة ندير الشأن اليومي النقابي بعقلانية و نغلّب المصلحة العامة للحركة النقابية التونسية بمختلف روافدها على المصالح التي تدخل ضمن خانة الشعبوية و المزايدات و نؤكد أنّ لكل منظمات الحركة النقابية المؤسسة قانونيا و المتواجدة على أرض الواقع حق المشاركة من أجل بلورة استراتيجة مطلبية نقابية جديدة تمكّن من الدفاع عن مصالح الأجراء و ضعاف الحال بصورة فعلية و تقطع مع موجات الشعبوية والديماغوجيا . فالمطلوب منّا اليوم هو وضع أسس معادلة توفّق بين التحسين الفعلي للمقدرة الشرائية وتسجيل نسب نمو تزيد في خلق الثروة وتمكن من تشغيل الشباب وإتاحة الفرصة للإرتقاء بالعلاقات المهنية وتحسين الخدمات الإجتماعية وضمان شروط التنمية المحلية والجهوية، كل هذا في كنف تقاسم كل الشركاء الإجتماعيين للتضحيات كل حسب طاقته ونصيبه من الثروة. إنّ التحوّلات الجارية في مفهوم العمل والناتجة عن الثورة التكنولوجية والرقمية والعولمة تطرح على الحركة النقابية التونسية بمختلف منظماتها تجديد مفهومها للعمل النقابي و تحديث آليات عملها و الإرتقاء بأدائها إلى مستوى النقابة المواطنية الشبكية القائمة على الشراكة والتي لا تنف تباين المصالح و المقاربات لكنها تتفق في القطع مع الفوضوية النقابية. ولقد بات مطلوب اليوم من الحركة النقابية التونسية ألا تقتصر على البعد الإحتجاجي على أهميّته بل عليها ضمن الخطة الجديدة أن تزاوج بين البعد النضالي والبعد المعرفي-التربوي حتى تتحول إلى قوة إقتراح وتخرج من سجن الماضي والحلقة المفرغة التي تعيشها اليوم نتيجة التصور التقليدي والشعبوي الذي أدى إلى المأزق الّذي وجدت نفسها فيه والمتعلق بثنائية تدهور المقدرة الشرائية في ظل الزيادات في الأجور إنّها دوّامة لا مخرج منها تنهك المتعاطين معها. إنّ الواقع يحتّم اليوم على الحركة النقابية وضمن خطتها الجديدة إلى ضرورة مطالبة الحكومة بالكف عن تحميل الأجراء وحدهم عبئ الأزمة عبر تجميد الأجور والإقدام على اجراءات علاجية نوعية و عاجلة تتعلق بالمعاش اليومي للتونسيين و بإجراءات استراتيجية وقائية تهمّ الملفات الكبرى، فالحكومة مطالبة اليوم بعقد مؤتمر حوار مع الشركاء الإجتماعيين من ممثلي العمّال و أصحاب العمل ومنظمات المستهلكين بدون استثناء لاتّخاذ حزمة من الإجراءات العاجلة تجسّد تقاسم كل الشركاء الإجتماعيين للتضحيات و لتعبئة موارد مالية جديدة لاسيما من الأثرياء الجدد، وهي مدعوة أيضا لتنظيم حوار وطني جاد و مسؤول لبلورة منوال تنمية تشاركي جديد وعادل يقطع مع ذلك المنوال القائم على دكتاتورية السوق و يتجاوز في نفس الوقت رديفه القائم على احتكار الدولة لكل المقدّرات الإقتصادية والإجتماعية. وفي هذا الإطار وضمن هذا التوجّه فإنّ الجامعة العامة التونسية للشغل بوصفها شريكا فاعلا ومناضلا على أتمّ الإستعداد للمساهمة البنّاءة للنهوض بالإقتصاد الوطني والنهوض الإجتماعي كشرطين متلازمين لنجاح الإنتقال الديمقراطي الّذي يشكل الهدف الإستراتيجي الذي يمكّن بلادنا من الدخول إلى نادي البلدان الديمقراطية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.