صدر يوم 01/02/2017 بمحكمة الإستئناف العسكرية الحكم في قضية قتل الوكيل أول بالحرس الوطني محمد الرزقي يوم 15/01/2011 بالمحمدية بعدم سماع الدعوى في حق 3 عسكريين متهمين وذلك بمقتضى عدم المؤاخذة الجزائية على معنى الفصل 42 من المجلة الجزائية "لا عقاب على من ارتكب فعلا بمقتضى نص قانوني أو إذن من السلطة التي لها النظر . هذا الحكم مثل حلقة أخرى تضاف إلى حلقات من المظالم التي تعرض لها الأمنيون على يد القضاء بعد جانفي2011 حيث أصبح عدد من أهل القضاء يتسابقون للتنكيل بهم عند مثولهم أمامهم ويسعون جاهدين الى تسليط أقسى العقوبات عليهم بدافع البحث عن مكانة ثورية مزعومة أو انتصار لعدالة وهمية ترى في رجل الأمن مجرما حتىّ تثبت براءته. انّ عملية التصعيد النفسي التي قام بها بعض القضاة بعد حملات التشكيك والتشهير التي تعرض لها سلك القضاء اثر 2011 من طرف وسائل الإعلام والناشطين السياسيين وحتى من بعض زملائهم (رئيس جمعية القضاة السابق أحمد الرحموني) وتأليب الرأي العام عليهم واتهامهم بكونهم قضاة السلطة الظالمة، جعل الأمنيين يدفعون ضريبة ذلك باهظا مع ما نعلمه من وجود فئة تكن حقدا وعداءا ايدولوجيا وعقائديا للمؤسسة الأمنية لم تستطع تجاوزه بعد فسجل المحاكمات العسكرية للأمنيين المحالين على خلفية أدائهم لواجبهم في حماية الممتلكات العامة ومقرات السيادة تثبت بصفة جلية وجود سياسة للتشفي من المتهمين وحرمانهم من الإستفادة من النصوص القانونية التي تبرئ ساحتهم وعدم الإعتماد عليها عند النظر في قضاياهم كالقانون عدد 04 لسنة 1969 وفصول المجلة الجزائية 39-40 و 42 هذا عدى عدم وجود أدلة حقيقية وملموسة تورطهم في الجرائم المنسوبة اليهم ففي واقعة قتل الوكيل اول محمد الرزقي المشار اليها نجد أن المحكمة قضت بعدم سماع الدعوى لفائدة المتهمين في حين نجد بالمقابل دائرة جنائية ثانية بنفس المحكمة تقضي في حق متهمين أمنيين اثنين بخمس سنوات سجنا في اهمال تام لمبدأ عدم المؤاخذة الجزائية عند النظر في الوقائع وهو ما يستشف منه وجود خطّة خفية لتوجيه ملفات الأمنيين الى دائرة جنائية معينة دون أخرى . ولا غرابة في ذلك حين تقرّ رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة صاحبة الدور المشبوه في ضرب المؤسسة الأمنية سنة 2011 فترة إشراف فرحات الراجحي على الوزارة بأنها في تواصل مع مديرة القضاء العسكري بخصوص الملفات المنشورة لديها مما استدعى اصدار بلاغ بتاريخ20/01/2017 ترك المجال مفتوحا أمام امكانية التخلي عن الملفات المتعهد بها لفائدة دوائر العدالة الإنتقالية. تأتي هذه التطورات في قضايا الأمنيين لدى المحاكم العسكرية في الوقت الذي أصدرت فيه أحدى الدوائر الجنائية بمحكمة الإستئناف بتونس حكما صادما وذو دلالات خطيرة تمّ بمقتضاه الحط من العقوبات الصادرة ابتدائيا ضدّ الإرهابيين قتلة الشهيد محافظ الشرطة محمد السبوعي بجبل الجلود من الإعدام و36 سنة سجنا الى المؤبد و06 سنوات سجنا في استخفاف سافر بدماء شهدائنا وآلام ومعاناة عائلاتهم. وحتى يكتمل هذا المشهد السريالي العبثي بدأ سيل من الإستدعاءات المتواترة على وزارة الداخلية والموّجهة لنخبة من الأعوان والإطارات المكلفين بالبحث في جرائم الإرهاب للمثول أمام عدد من قضاة التحقيق بتهمة تعذيب إرهابيين على صلة بأحداث باردو وهي قضية شهدت تجاذبات شديدة مازالت تداعياتها مستمرة الى الأن فيما عرف بقضية الفتاة القاصر وأحد قضاة قطب الإرهاب ويبدو أن آخر ضحايا هذه المعركة سيكون هؤلاء الأعوان الذين سيدفعون ثمن ما لم تقترفه أيديهم . اننا أمام ما تقدم ذكره وسرده من أمثلة ووقائع نجد أنفسنا في مفترق طرق في علاقتنا بالسلطة القضائية خاصة وبالدولة عامة. فقط طفح الكيل وبلغ السيل الزّبى ولم تعد اللغة الخشبية الرصينة ( القضاء مستقل، عندنا ثقة في القضاء،…) تؤتي أكلها في ظلّ انحراف عدد من مكونات القضاء عن دورهم في تطبيق القانون بعدل وانصاف و ترفع عن الضغائن الشخصية والخلفيات الإيديولوجية عند النظر في ملفات الأمنيين. وستكون الفترة القادمة مفصلية لإتخاذ قرارات في مستوى ما يتعرض له الأمنيون منذ 2011 نرجو من الجميع وخاصة قضاتنا الشرفاء والوطنيين أن يتفهموا دوافعها واكراهاتها في زمن أصبح فيه الجميع يتحاشى الإصداع بالحق تحت وقع ديكتاتورية الغوغاء واستبداد الثورجيين وشراسة آلتهم الإعلامية حيث يجد الأمني نفسه وحيدا بلا حماية قانونية ولاسند مجتمعي في ظلّ عجز الدولة وتهاونها .