لقيتها ليتني ما كنت ألقاها ، عزباء و الزواج مبتغاها ، طال إنتظارها فتضخّم حجم شكواها ، جميلة ممشوقة القوام و لكنّ التجاعيد بدأت تكتسح محيّاها ، و ها هي بذور الشيب تغزو مفرقها و " ليس يخفى على الأحرار فحواها " ، جلست و الحيرة بعينيها تتحدّث و الغمّ أضناها ، و حديث النّاس أرّقها و أعياها . تقول محدّثتي : لا تنتظر منّي حديثا عن الميراث أو النفقة أو غلاء الأسعار ، و لا جدلا حول الإقتصاد و إنهيار الدينار ، و إنّما هاجسي الزواج و هذا من باب الإضطرار ، و لم يعد المجال شاسعا للإختيار ، رغم كثرة المعجبين و لكنّ معظمهم ممثّلين و أشرار ،لا يرون في الأنثى إلاّ ما به يقضون الأوطار، سئمت هذا الوضع لذلك لا أبحث إلاّ عن الإستقرار،الوحدة تقتلني و الوحشة تفتك بي لذلك أشعر و كأنّي مدينة بلا أسوار ، و حديقة بلا أزهار ، أو قل شتاء بلا أمطار ، أو نافذة بلا أستار ،أو "بنطلون بلا أزرار" … أهدأ قليلا حين أستحضر تجارب بعض صديقاتي و الحياة تجربة و إختبار ، بعضهنّ تزوّجن عن قناعة و إختيار، و يحملن اليوم من الهموم ما لا يقاس بمقدار ، ( و جات الصبيّة تشكي تلقى المعرّسة تبكي ) من" الخنّار " ، إحداهنّ خاضت معارك الطلاق و ردّالإعتبار، و ظلّت تتردّد على المحاكم و هي في حالة إستنفار ، و بعد سنوات النكد تحوّلت إلى مطلّقة حاضنة لأطفالها الصغار، الوحدة تنخر مفاصلها رغم إدّعائها الراحة و الإستقرار ،و هي كاذبة تماما كعزباء تدّعي أنّها في غنى عن زوج مغيار ، إنّها كبرياء الأنثى التي عانت كثيرا و تكاد توشك على الإنهيار. أحتاج حنانا و أشكو حرمانا، أحتاج رجلا ترمي به الأقدار ، ليعدّل لي الأوتار ، أريده أسمر البشرة طويل القامة تعادل قوّته العشرة أنفار ،"عاقد الحاجبين على الجبين اللّجين " شواربه متعدّدة الأدوار ، مفتول العضلات مقبلا على الحياة معه شهادة "فحص فنّي" بادية للأنظار، نظراته تشعل كانونا و توقد نارا دون سابق إشعار، له رصيد مالي و لا رصيد له في عالم الإبحار ( الفيسبوك ) ، يمطرني حنانا و هدايا و لا بأس في دفتر إدّخار ، يحبّني لوحدي و عليّ يغار، يناجيني في اللّيل و يتغزّل بي في النهار ، ويكتب في أنوثتي أجمل القصائد و أحلى الأشعار ، يؤنسني في وحدتي و يقاسمني الهموم و الأكدار ، و هو عندي الملجأ و مستودع الأسرار ، أريد رجلا يزرع حديقتي معنى و يوشّحها بالأزهار ، و يسقيني حنانا تتدفّق من نبع وجدانه الأنهار ، و أرسو ويّاه في " خيمة عاطفيّة " على شاطئ الشفّار ، و حين يعود إلى المنزل أغنّي له " روّح من السوق عمّار" ، أريده غيورا يغار عليّ من حبل صابون الأجوار ، و أغار عليه من " التاكسي بو بلاصة " و من " زحمة الكار " ، أغار من علاقته بفواتير الماء و الكهرباء و الهاتف القار، يغار عليّ حين أمرّ أمام المقاهي المحتلّة لل"تروتوار" ، و أغار عليه من قارئة الأخبار ، ومن زوجة" الشاذلي التمّار" ، و إن نظر إلى غيري فإعلم أنّه " نهار على عمّار " و سلّم العقوبات عندي يبدأ بالإنذار ، و قبل كلّ ذلك كان لابدّ من الإعتذار ، بهذا فقط أرتاح و أعلن على صديقاتي الإنتصار …