كنتِ حلما يراودني.. ثمّ تحقّق هذا الحلم بعد عناء كبير من أجل جمع سعركِ الباهض.. فكنتِ نعمة بكِ أتنقّل وسط المدينة أو أسافر بين الولايات فأستمتع بالسياقة و المناظر الطبيعية الخلابة في بعض المناطق إذ أشاهد الجبال و الأودية و غابات الزياتين و اللوز و الصنوبر و الأراضي الخضراء الشاسعة.. كل هذا مع الاستماع إلى نغم موسيقي عذب.. فيحصل السرور.. أشكر الله و صانعي السيارة على هذه النعمة.. و لكنّ هذه النعمة تتلاشى أمام ما ألاقيه من أهوال الطريق حيث حركة المرور الموتّرة للأعصاب و حيث لا تُحْتَرَمُ أبسط قواعد الطريق.. هذه الطريق التي هي أصل الدّاء و ذلك لكثرة حفرها و عدم وجود نظام مروري يسيّر الحركة فيها فتجد أن الشعار فيها " ذراعك يا علّاف " فلا إشارات ضوئيّة و لا محوّلات… و محرّككِ أيتها السيارة لا يحتمل كل هذا فيشتعل غضبا في قلب الطريق.. و يشتعل قلبي معه حزنا و قهرا.. و بسبب الطريق و بسبب هشاشتكِ الميكانيكيّة تتعطّبين بشكل مستمرّ فيأخذ إصلاحكِ من جيبي ما يأخذ.. و لقد علمنا أن مكوّناتكِ مقلّدة و أنّكِ سريعة العطب يا سيّارة الخمس خيول.. و أنتِ شرهة جدّا في شرب بنزين يرتفع سعره من سنة إلى أخرى في بلدي.. تدخلكِ الأوساخ و الأتربة و الغبار فتزداد حالتكِ سوءا.. كلّ هذا و قد يعترضني عون مرور يريد أن يفتعل لي خطيّة.. هذا و قد يخدشكِ أحدهم أو يكسر أضواءكِ و أنتِ راسية بهدوء بسبب حسد أو قلّة انتباه.. و قد يصدمكِ مريض عقابا لكِ لأنه يريد المجاوزة بسيارته الكبيرة و كان يجب عليكِ أن تطيري من أجله.. و في كل وقت، أخشى من حادث مروري قد لا ينجو منه أمهر السائقين.. يُضاف إلى ذلك، شركات التأمين التي تأخذ و لا تعطي شيئا و الفحص الفني و معلوم الجولان… لقد أتعبتِني كثيرا ! أحببتكِ وكرهتكِ في آن واحد ! فرحتُ معكِ و لكن قليلا فقط !