أكتب هذه الأسطر على الساعة الثالثة من صباح يوم العيد… بعد أن عجزت عن النوم رغم أنني مصاب بالحمى… والسبب حفلة النجمة الكبيرة زازا الذي مازال متواصلا إلى غاية هذه الساعة في أحد الفضاءات المفتوحة بطريق تنيور كم 10… عندما أفنيت جزء كبيرا من عمري وأن أبني مسكني الحالي بنريق تنيور كم 10 كنت أبحث عن الفرار من المدين وضجيجها حيث كنت أسكن في منطقة الربض… وكنت أمني النفس بالهدوء والهواء النقي المنعش… ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فمن سوء حظي أن فضائين للأفراح والحفلات من ذلك النوع الذي يأخذ شكل المنتزهات.. فتحا أبوابهما بجوار مسكني .. مما أحال حياتي وحياة أجواري إلى جحيم… مضخمات صوت عملاقة ترتج لاهتزازها نوافد البيت تدك أسماعنا وتطرق في أعماق رؤوسنا وتمنعنا النوم والراحة كلما كان هناك حفل في أحدج الفضائين أو كلاهما… وحتى لو أن تلك الفضاءات كانت تلتزم بالوقت القانوني فربما كان الأمر يحتمل ولكن تلك الحفلات تستمر إلى طلوع الفجر في استهتار بحقوق المتساكنين الأجوار… وقد شهد النصف الثاني من رمضان احتفالات مكثفة أقضت مجاعنا وحرمتنا النوم وأجبرتنا على أن نذهب لأشغالنا في الصباح كالسكارى وحرمت أبناءنا لذة التركيز من أجل المراجعة مما اضطرنا لأن نبعث بهم لبعض الأقارب… هذه الليلة ذقت ذرعا بحفل زازا والورتاني وصاحب الفضاء الذين لم يحترموا أحدا.. فقررت أن أتصل بالشرطة على الرقم 197 وعندما طرحت الأمر على محدثي بعد أن هنأته بالعيد قال لي مطمئنا إنني سأتصل بالدورية لتقوم باللازم… وانتظرت من الساعة الثانية والربع صباحا إلى غاية الساعة الثالثة صباحا ولا شيء حدث.. واستمر الحفل.. واستمرت المضخمات تدق برأس وتكاد تحطم بلور النوافذ… أعدت الإتصال ب 197 وكان نفس العون يرد على الطرف الآخر وعندما قلت له أن شيئا لم يحدث وأن الدورية لم تأتي وأن الحفل الصاخب ما زال متواصلا… قال لي اتصل بالرقم 193 فأنتم خارج منطقة نظرنا .. قلت له متعجبا لم تخبرني منذ البداية؟؟؟ ألهذه الدرجة ليس للمواطن قدر ولا قيمة في هذا البلد لم تركتني إذا أنتظر كل هذا الوقت؟؟.. فما كان من العون إلا أن أغلق في وجهي الخط الهاتفي ؟؟؟ طلبت ال 193 فأجابني عون آالحرس الوطني ووعدني أنه سيقوم بالواجب.. ولكن ما حدث لي أطار العقل مني وأشعرني بمدى استخفاف هذه الدولة ومؤسساتها بالمواطن.. وكيف أن القوي في هذا البلد هو من يتصرف كما يحلو له ويدوس على الضعيف دون أن يقف أحد لنصرته.. نحن ندفع ضرائبنا للدولة من أجل أن تقوم بحماية مصالح الجميع وخاصة تحمي الضعيف من تسلط القوي صاحب المال والنفوذ.. لكن لا شيء من هذا يحدث في هذا البلد… تذكرت وأنا أكتب هذه الأسطر أولئك المطالبين بمنع الأذان الذي لا يستمر إلا بضع دقائق وكيف أن مطلبهم ذاك أصبح قضية رأي عام وربما تتبناه لجنة الحريات لبشرى وأعوانها… بينما نحن من لسوء حظهم وجدو فضاءات مفتوحة للحفلات تنغص عيشهم صباحا ومساء وصيفا وشتاء لا نجد من ينصفنا… إذا كانت الدولة لا تحمي الحقوق فهل المطلب اليوم من كل واحد منا أن يحمي حقه بنفسه وأن يتحول البلد إلى غاب حوت ياكل حوت وقليل الجهد يموت؟؟؟ حسبنا الله ونعم الوكيل فقد نغصوا علينا هذه الليلة المباركة…