يعتقد بعض الناس البعيدون عن السياسة بأن السياسيين والحزبيين أناس شرفاء ، يعملون من أجل الوطن وينظر الناس لهم نظرة احترام وتبجيل غير مدركين أنهم يضحكون على أنفسهم ، وبعض الناس تعتقد أنهم شياطين ، ولكن التجار أيضا وطنيون ، ويهمّهم مصلحة الوطن ، ويعملون دائما لتحسين اقتصاد البلد وتطوير وضع الناس الاقتصادي ، لكن على ألاّ يتضارب ذلك مع مصالحهم الاقتصادية فالسياسيون والحزبيون لا يختلفون عن تجار الوطن في شيء اللهم في أن بضاعتهم تختلف عن بضاعة منافسيهم من تجار الملابس أو الأغذية مع أن بعضهم يمارس المهنتيْن حزب المؤتمر من غير الجمهورية ، ذلك الهيكل الخُرافي الذي أشبعنا من بقي من رموزه –شرط تمتّعه بخدمات ومزايا الدولة- صخبا ووجع رأس ، ولا يتعدّى عدد من يحضر اجتماعاته جنازة رجل "مقطوع من شجرة" ، مع ذلك النكرة المسمّى بحزب الإصلاح والتنمية الذي يمنّي النفس ب"عْقابْ وزارة" ، طلعا علينا يوم انطلاق الحوار الوطني بتصريحات نارية رافضة لمبدإ الإمضاء على وثيقة الالتزام بخارطة الطريق التي صاغتها اللجنة الرباعية ، قبل أن يتلقّفا صفعة من "عرْفهما" على قفاهما ويسارعا للإمضاء صاغريْن ويخمد صوتهما المجلجل جعجعةً بلا طحين والحقيقة أنّ حزبيْ الدايمي والقوماني ككل الأحزاب التي تقدّم نفسها بأنّها متيّمة بحب البلاد كما لا يحبّها أحد صباحا مساء ويوم الأحد ، لا يهمها في نهاية المطاف غير موقعها في خارطة الوطن وفيما بعد في الحكم إنْ تيسّر ، ولذلك عمدا إلى ممارسة كل أنواع الزيف والخداع ، تحت مسمى التكتيكات ، في محاولة مفضوحة لبيع شعاراتهما للناس لكي يلتفّوا حولهما لتحقيق مكاسب حزبية للغير قبل النفس . وهذان الحزبان لم يخرجا في ذلك عن قاعدة سياسية تقول بأنّ كل حزب مستعد أن يتحالف مع أي حزب يحقق له المزيد من المكاسب والمغانم والمقاعد . وكل سياسي مستعد لإقامة الولائم والتوسط لهذا وذاك ليكون على قائمة المنتفعين في أول فرصة تلوح في الأفق. لذلك ينصح العارفون بخبايا دكاكين السياسة بالقول : إن كان صديقك لصا عاديا فحافظ عليه ، فقد يتوب يوما ما ، أما إن كان سياسيا أو حزبيا أو حركيا فاحذر منه فقد ينقلب ضدك يوما ما لأن مصالحه تتطلب ذلك. أن تكون حزبيا أو سياسيا، وليسمح لي بعض الناس الشرفاء في أحزابهم أن أقول ، يعني أن تكون كذابا ، أن تكون منافقا وأن تكون تمارس مهنة الدعارة ، وأقصد- الدعارة السياسية – وهي لا تختلف عن الدعارة الجنسية بشيء إلا بنوع البضاعة الذين يمارسون الدعارة الجنسية يضحكون على زبون واحد ، بل ربّما لا يضحكون عليه لأنه يدفع مقابل ما جاء من أجله ، لكن الذين يمارسون الدعارة السياسية يضحكون على شعب بأكمله أو أغلبه ولا يستفيد ابن الوطن شيئا من تجارتهم … تنويه: كلّ ما ينشر في ركن " الرأي الآخر" لا يعبّر إلا عن رأي كاتبه