أقدمت حركة النهضة يوم 3 جانفي 2014 وبعد مغالطات كبيرة وعديدة على منع تمرير التعديل الذي اقترح في الفقرة الخامسة من توطئة الدستور الجديد الذي انطلق المجلس التأسيسي في التصويت عليه فصلا فصلا. ونص المقترح على إضافة العبارة التالية: "مناهضة كل أشكال الاحتلال والعنصرية وعلى رأسها الصهيونية" و بهذا أقدمت حركة النهضة على إسقاط ورقة التوت الأخيرة وكشفت جوهر موقفها المهادن للصهيونية والكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وهو موقف تدرجت في تمريره بعدما أوهمت الجماهير والقوى الوطنية أنها رفعت راية فلسطين والحال أنها أمعنت في الخضوع الى إملاءات حلفائها الأمريكيين والأوروبيين والالتزام التام لهم بمنع الإشارة بأي شكل من أشكال الإدانة للعدو الصهيوني والصهيونية في الدستور(للعلم فإن 70 نائبا من كتلة النهضة في المجلس التأسيسي صوتوا ضد إدانة الصهيونية 11 بشكل صريح و59 ب"الاحتفاظ" ويا له من احتفاظ). وانطلقت المغالطة النهضوية عندما أبدت "تبنيها" للفصل 27 من الصيغة الأولى لمشروع الدستور والذي نصّص صراحة على إدانة الصهيونية و تجريم كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني لكنها وبمعاضدة رئيس المجلس التأسيسي وقوى الترويكا وآخرين سرعان ما التفت على هذا الفصل بعنوان أن صيغة التجريم لا يمكن أن تُضَمَّن في الدساتير وهو كذب وخداع ونفاق بُرهِن عليه في فصل موال تم فيه التنصيص صراحة على "تجريم التكفير" و تواصلت المغالطة عندما صرح رئيس كتلة النهضة في برنامج إذاعي (إذاعة صفاقس سنة 2012) أن حركة النهضة تنازلت عن الفصل 27 لدواع قانونية ولكنها عوضته بفقرة في التوطئة لكن وقائع التصويت الأخير كذَّبت صحبي عتيق ونسفت الفقرة التي تضمنت إدانة الصهيونية والعنصرية والاحتلال استرضاءا لأسيادهم و حفاظا على مواقعهم في الحكم. إن هذه الفضيحة السياسية التي أقدمت عليها حركة النهضة في وأد تطلع الجماهير والقوى الوطنية لدستور وطني يعبر عن موقفها المتجذر من العدو الأول للأمة العربية "الكيان الصهيوني" ليست في الواقع سابقة بل مُررت في سياق سلسلة من الوقائع الصادمة المعبرة عن التواطؤ والتهادن مع أعداء الأمة: – الحميمية الفائضة ليهود تونس (وهم 2000) وتذكير كل التونسيين ب"حقوقهم" وواجب الدولة عليهم والحال أن شعبنا يعاملونه بقسوة وهو يعاني القهر والقمع والإهانة والتفقير والتهميش (وأحداث سليانة أحد عناوين سياسة حكومتي الجبالي والعريض في ذلك). – اللقاءات السري منها والعلني مع قادة الصهيونية العالمية في واشنطن ونيويورك وباريس التي جمعت قيادات النهضة بأعتى قادة الحركة الصهيونية العالمية وآخرها ما تسرب عن لقاء جمع الغنوشي مع الصهيوني سيئ الصيت برنارد ليفي في شهر أوت 2013 بباريس. – السماح بإحياء ذكرى "الهولوكست" في تونس (وهي سابقة في الوطن العربي) من قِبل جمعية تدَّعي الدفاع عن الأقليات وهي في الواقع تدافع عن الصهيونية وتقدم لها الخدمات. – السكوت عن رفع أحد يهود الحارة اليهودية بجربة العلم الصهيوني على شرفة بيته بما يعنيه ذلك من استفزاز لمشاعر 10 ملايين تونسي يكرهون هذا العلم لأنه رمز لاغتصاب فلسطين وتهجير وتشريد شعبها ولأنه رمز لكيان اعتدى على تونس عندما هاجم حمام الشط و اغتال القيادات الوطنية الفلسطينية المقيمة في تونس وعلى رأسهم خليل الوزير "أبو جهاد". – الإقدام على منع قادة من حركة الجهاد الاسلامي وحزب الله من دخول التراب الوطني التونسي لحضور ندوات سياسية وكان الواجب استضافتهم وتبجيلهم لا طردهم في طائرة تركية. – الإفتاء ضد القيادات الوطنية العربية والتحريض عليهم كما حدث في ليبيا ويحدث الآن في سوريا ومصر. إن شعب تونس الذي يحمل قضية فلسطين في قلبه ووجدانه ويتوق للقاء الأقصى والقدس وحيفا ويافا.. لن تمنعه كل هذه الترهات من تحقيق إرادته في تحرير فلسطين من المغتصبين الصهاينة وهو بذلك يواصل السير على درب آبائه وأجداده وأبنائه الذين تطوَّعوا وفَدَوا فلسطين بدمائهم وأرواحهم.