طارق مهدي يفجرها: أفارقة جنوب الصحراء "احتلوا" الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    دراسة عالمية: ارتفاع وتيرة الإساءة الأسرية للرجل    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    اليوم : زياد الهاني أمام القضاء من جديد    عميد المهندسين: أكثر من 20 مهندس يغادرون تونس يوميا    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    سنتكوم: تفريغ أول حمولة مساعدات على الميناء العائم في غزة    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    منهم قيس سعيد : زعماء عرب غابوا عن قمة البحرين    عاجل : هزة أرضية تضرب ولاية بهذه الدولة العربية    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة "كوبي "2024: التونسية روعة التليلي تتوج بطلة للعالم في دفع الجلة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    بطولة اسبانيا : برشلونة يتخطى ألميريا بثنائية وريال بيتيس يسقط في فخ التعادل أمام لاس بالماس    أخبار الترجي الرياضي ...فوضى في شبابيك التذاكر والهيئة تفتح النار على الرابطة    أخبار الملعب التونسي ..تشكيلة هجومية وآمال كبيرة في الكأس    اليوم: طقس مغيم بأغلب الجهات وتواصل ارتفاع درجات الحرارة    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    وزير الشباب والرياضة يستقبل أعضاء الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    كرة القدم : الفيفا يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    استشهد 3 فلسطينيين برصاص الجيش الصهيوني في الضفة الغربية..#خبر_عاجل    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طاقات كامنة :هو عنوان المعرض الثالث للفنان التشكيلي كمال الكشو
نشر في صحفيو صفاقس يوم 11 - 12 - 2014

كمال الكشو باحث وفنان تشكيلي متحصّل على دكتوراه في علوم وتقنيات الفنون اختصاص فنون تشكيلية. شارك في عديد المعارض وتحصّل على الجائزة الأولى لصالون الخزف والنحت وعلى الجائزة الأولى للمعرض السنوي للفنون التشكيلية بصفاقس. صدرت له عديد المنشورات أهمّها كتابه "مقاربات الخزف الفني: جذورها الغربية و إشكالياتها العربية".
يفتتح المعرض يوم الخميس 11 ديسمبر 2014 في الساعة الرابعة برواق المعهد العالي للفنون بصفاقس ويتواصل إلى غاية يوم السبت 20 ديسمبر 2014.
يأتي هذا المعرض في سياق مقاربة فنية ينفتح فيها الخزف على المحيط حيث إعتمدتُ بالأساس على تطعيم مواد العمل الخزفي بمواد دخيلة عليها. وحدّدت هذه الخامات الدخيلة في بقايا ونفايات المعادن من حديد ونحاس وألومينيوم وغيرها واعتبرت هذه التجربة محاولة للقطع مع فكرة المادة الواحدة والتقنية الواحدة، لتحلّ محلّها، مواد وتقنيات مختلفة وربّما غير متجانسة في نفس العمل الخزفي ولتصير عناصره وآليات إنشائه غايات في ذاتها وقوى ديناميكيّة تؤسّس فضاءه وتنظّمه. واعتبرت هذه المقاربة مدارا يمكن أن أسائل فيه بعمق مفاهيم المواد والتقنيات ودلالاتها في العملية الإبداعية. وحقلا لفعل إنشائي قد أتخطّى فيه حدود المتّفق عليه في أشكال الخزف وتقنياته. تكشّفتُ في خلط الطين ببقايا المعادن المصنّعة على عجينة غير متجانسة ربما فقدت الكثير من لزاجتها ولكنّها تحوّلت إلى مادة غنية أو إلى معدن جديد يكشف باستمرار أثناء تجفّفه وخاصة عند أفخاره وبعد طلائه على كيفيات ساهمت بدرجة كبيرة في تكون عناصر أعمالي الخزفية. تدفّقت من هذه الخامات ذات الطاقات الكامنة كيفيات كانت تثيرني وتستدعيني للفعل. لفعل خزفي، لا أستند فيه إلى طريقة عمل مألوفة، أو إلى أنموذج ظاهر أتتبّعه، وإنّما إلى طريقة أعالج فيها المواد ليفيض عنها أنموذج باطني كان دائما يغريني ويُورّطني، فكان أن عجنت وقبضت ونشرت وحفرت وثقبت وقطّعت ولصّقت وطليت إلى أن استعدت فعل التطعيم، فكانت "عودة الدخيل" من جديد. إنّ الألواح التي انتهيت إليها كانت تضعني دائما أمام نتائج تغري بالمواصلة. فبالرغم من "انتهاء" العمل في علاقته بتقنيات الخزف إلاّ أنّ عناصر بنائه تظل تستدعي للمضي في دروب المحاولة، والتورط في أسرار الخزف وسحره.
لم أستطع في مقاربتي الخزفية أن أتجاوز القيمة التشكيلية والتعبيرية للعجينة الجديدة ولليد في العجينة، فقد فتحت طبيعة الخامات غير المتجانسة التي أتعامل معها إضافة إلى إدراكها بصريا، فرصا من نوع خاص لأتلمّس المواد ولأدرك كيفياتها وطبيعة التغيّرات الفيزيائيّة التي قد تنشأ عنها منذ خلطها. فهي تجربة أتجاوز فيها التعامل مع ظاهر الأشياء لأدرك وأعالج أعماقها. وهو ما فتح لي مساحات لأتأمّل العجينة بين يدّا وأعيد عجنها وقبضها لتكون أفعال الخلط والعجن غايات في ذاتها أتكشف من خلالها وأقبض على الصور الأخرى الكامنة لليد الفاعلة والتي اختزلتها في ما عبّرت عنه في جزء من عناوين المعرض " قبضة من طين". قبضة توصّلت خلالها في كثير من الأحيان إلى حدّ الشعور بشكل مفارق أننّي لا أمسك العجينة وأقبض عليها داخل كفّيا فقط، ولكنها في نفس الوقت تستوعبني بخاماتها وتغمرني لتضع بين أصابعي وفي قبضتي " تأمّلات رقيقة وعذبة كما عبّر عن ذلك "غاستون باشلار"…تأمّلات تفكّر، تأمّلات تريد، تأمّلات تمهّد الطريق للإرادة " .
فبمجرّد أخْذ هذه الخامات، وهذه البقايا من المحيط اليومي في يديّ أشعر كأنّني أبتكر عالما آخر، ينبض على وقع حركات يد تقبض أحيانا وتتفتّح أحيانا أخرى، يد تتوالد من قبضتها صورها الكامنة والممكنة. أدركت في هذا المستوى من العمل معنى أن يذهب "هنري فوسيّون" إلى حدّ اعتبار أنّ اليد تفكّر وكذلك مقاصده من أنّ العلاقات بين الفكر واليد لا يمكن أن تكون بالسهولة التي بين الآمر والمطيع، فالفكر يحرّك وينمي اليد. واليد تنمّي الفكر. فالفعل الذي يبتكر يتعاطى حركة وسلوكا متواصلين على الحياة الداخليّة…فاليد تعلّم الإنسان امتلاك الأفق والوزن والكثافة والعدد…وتساعده ليمتدّ في الزمان وفي المكان". شعرت في هذه المقاربة كأنّني غيّرت من البداية، كلّ المعطيات التي يُفترض أن تمرّ بها عمليّة إنشاء العمل الخزفي. إذ اعتبرت نفسي في حلّ من الروابط والمكتسبات التقنيّة. وبالتالي لن يكون للفعل الحاذق والمهارة اللتين تتطلّبهما تقنيات الخزف من سلطة تُلزمني. فاليد والصور والتكوينات التي أقترحها هي توق منّي لأن لا يكون في أعمالي تكلّف وبرمجة مسبقة. أردت في هذه المرحلة أن ألامس العجينة المتغيّرة التركيب بيد من طبيعة يد "بيكاسو" التي لم تعرف الارتباك. وأعني بذلك، يد قادرة على مساءلة ما نتعلّمه وما نكتسبه من مهارة باستمرار.
كذلك وفي مرحلة هامّة من هذه المقاربة ولّدت فيّ المواد المطعّمة الرغبة لتخطّي سطحها والولوج إلى عمقها، وهو ما أنتج الثُقَبَ، وفتح اللوح على الفراغ كقيمة حقيقيّة في تركيبته، وأضاف إلى حدود اللوح الماديّة لا محدوديّة الفضاء. استعدت من خلال "عودة الدخيل" فعل النفاذ في اللوح من جديد. فاجتياح فضاء اللوح هو الدعوة الحقيقيّة لإمكانية استمرارية الفعل في إنشاء العمل الخزفي وإمكانيات تجدّده. وهي محاولة فيها رغبة التحدي لسلطة النار كقدر تقني ينتهي عنده العمل. لذلك اعتبرتها محاولة لتطويع المادّة الخزفيّة رغم تحجّرها و شكلا لإمكانيّة تقاطع الأبدي بالعرضي في هذه الأعمال الخزفية. فأمام إمكانيّة تحرّر الفعل وتخطّيه للقدر التقني، أحسست كأنّني أُحدثُ أكثر من فاصلة في سياق العمل أو أكثر من نقطة توقّف أو "تأمّل" أستعيد بعدها الفعل من جديد. فقد شعرت في هذه المراحل من العمل، كأنّني لا أريد قُدُوم العمل بشكل نهائيّ. وهو ما أحسست فيه من خلال هذه "الحاجة" لمواصلة الفعل، بتحوّل زمن الفعل أو زمن إنشاء اللوح إلى زمن فسيح، وأعني بذلك إلى " زمن ممتدّ "، تتعدّد فيه صيغ التركيب لتُطِلَّ على الممكن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.