لا حديث في البرامج والأخبار والصحف إلا عن المعلوم الغير قانوني الموظف على بطاقات شحن الهواتف الجوالة والمجهودات الجبارة التي تبذلها كافة السلط المعنية من أجل حماية المواطن من جشع "الحماصة والمكتباجية والقمراقجية والحوانتية…"الذين وظفوا معلوما إضافيا بين ال 50 مي وال100 مي على عمليات الشحن مما تسبب في إرهاق المواطن المسكين؟؟؟ لذلك سارعت السلط بكل هياكلها للتدخل العاجل لحماية المقدرة الشرائية لهذا المواطن البسيط بتعليمات صارمة من أعلا هرم السلطة "أبقاه الله ذخرا للوطن" حتى يستهلك المواطن المنتوج الاتصالي بأرخص الأثمان وحتى يتكلم دون خوف من نفاد الرصيد والبونيس بسرعة البرق؟؟؟ أليس هذا قمة الاستبلاه والسخرية والاحتقار للمواطن التونسي؟؟؟ وهل يمكننا أن نطمئن لحكومة ( وإعلام خاضع لها) ما يزال كل منهما يصر على معاملة التونسي على أنه درويش أو بهلول يمكن الضحك عليه بتشتيت انتباهه عن المشاكل الحقيقية للخراب الاقتصادي الذي يستشري في البلاد والذي يكاد يذهب بالمقدرة الشرائية للشرائح الواسعة للمواطنين ويلحق الجميع وخاصة من الطبقة الوسطى بصفوف الفقراء المعدمين وبهذا الشكل من الاستبلاه المقزز والسخيف؟؟؟ البلد غارق في الفوضى والفساد…. وهياكل الدولة تحارب طواحين الهواء وتقدم ما هو من المفروض عمل روتيني بسيط على أنه إنجاز خارق للعادة لم يأتي الأولون ولا الآخرون بمثله؟؟؟ الأسعار أصبحت من نار… الخضر …الغلال… الزيوت… اللحوم… الأسماك… مواد البناء… المواد المدرسية…. الخدمات.. المحروقات…الكراء…النقل … هذا إضافة إلى الغش والتحيل والتلاعب بالمكاييل والموازين وترويج البضائع الفاسدة والاحتكار والتهريب والزيادات العشوائية والمضاربات وعدم الحفاظ على القواعد الصحية والبيع المشروط والابتزاز… إلى غير ذلك من الممارسات التي أصبح يخضع لها المواطن حتى من طرف الدولة التي أصبحت هي بدورها تجاري نفس التيار وتقوم بإجراءات اقتصادية "زيادات في الأسعار" "تحت حس مس" حتى لا يتفطن المواطن إلا بعد فوات الأوان مثلما وقع من زيادات في أسعار الكراس المدرسي الذي قاربت نسبتها المائة بالمائة " والذي مر دون أن يلاحظه الكثيرون لأننا أثناء السنة الدراسية"…. وهكذا أصبح الجميع بما في ذلك الدولة يبحثون عن سبل نهش لحم هذا المواطن البسيط الذي يريدون منه أن يتحمل وحده كل نتائج النهب والسرقات التي مارسها رموز النظام النوفمبري البائد وغيرهم وكذلك نتائج الحرب السياسية والاقتصادية التي تم فرضها على حكومة المرحلة الانتقالية والتي لم تكن في الحقيقة إلا ضد الوطن والمواطن مما جعل الأوضاع تصل إلى حافة الهاوية…. إن الدولة وللأسف الشديد لم تعد تهتم لما يلاقيه المواطن من عناء يومي من أجل التوفيق بين ما يتقاضاه من مرتبات زهيدة وبين ما يلاقيه من غلاء وزيادات متكررة ومستمرة في الأسعار… وإذا ما طالب رب الأسرة بالترفيع في مرتبه لمجابهة الالتهاب المتواصل للأسعار تم التباكي من مغبة ذلك على الاقتصاد الوطني وما سيسببه من انخرام لميزانية الدولة وتوازناتها… بينما عندما تنتفخ مرتبات كبار موظفي الدولة وتتضاعف أعدادهم ونفقاتهم من أجل الترضيات الحزبية فذلك أمر محمود ولا يمثل أي عبء على اقتصاد وموازنات البلاد؟؟؟ هذا إضافة إلى ما يروج له هذه الأيام عبر الإعلام من الاستهتار الذي يتعامل به التونسي مع "الخبز" والذي أصبح المواطن يشتريه من أجل أن يرمي به إلى القمامة ؟؟ حسب تحليل خبراء وجهابذة حكومتنا المصونة وهو ما يكلف خسائر ب 100 مليار لخزينة الدولة في السنة ؟؟؟ حسب أحد وسائل الإعلام؟؟؟ هكذا ؟؟؟؟؟ فما هو المقصود من وراء هذه الحملة على الخبز الشيء الوحيد الذي بقي متاحا وزهيد الثمن بالنسبة للمواطن الفقير والركيزة الأساسية لغدائه ….إن لم يكن إعداد الناس للقبول برفع الدعم عنها و عن المعجنات استجابة لشروط البنك الدولي في رفع الدعم عن المواد الأساسية؟؟؟ حتى أنني سمعت أحد هؤلاء الجهابذة عبر إحدى الإذاعات يستغرب من إقدام التونسي على استهلاك الخبز مع الكسكسي والمقرونة؟؟؟ بجاه ربي لو أن هذا التونسي وجد اللحم والسمك في متناوله هل كان يقدم على أكل العجين بالعجين؟؟؟؟ والله إنه ذكرني ب "ماري انتوانيت " الملكة الفرنسية التي قالت مقولتها الشهيرة " لم يتظاهر الشعب ؟؟؟ إن لم يجد خبزا … فليتناول المرطبات؟؟؟" إننا أخشى ما نخشاه أن تنفجر الأوضاع بالبلاد من جديد خاصة مع ما نراه من استهتار من طرف المسؤولين بمعاناة السواد الأعظم من المواطنين الذين تزداد أوضاعهم تأزما يوما بعد يوم ويفقدون صبرهم يوما عن يوم خاصة عندما يرون "نخبهم السياسية في الحكم والمعارضة" وانغماسهم الهستيري في تصفية حساباتهم السياسية والإيديولوجية وتكالبهم على المناصب والمواقع في قطيعة تامة مع ما يلاقيه الناس من شقاء …وهو ما يؤشر إلى ما لا تحمد عقباه…. لأنه "للصبر حدود"…