أخي الكريم : أنْ تُحبّ الله الذي أنعم عليك بنعم لا تُحصى ، هذا هو الأصْل… بقيَ أن يحبّك الله تعالى، لأنّه عز وجل يقول:﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ُ﴾(المائدة 54) فَهَل فَكرَ أَحَدُنَا يَومًا وتَأَمَّلَ في نَفسِهِ وَتَسَاءَلَ : هَلِ أَنَا ممَّن يُحِبُّهُمُ اللهُ ؟ وَمَاذَا أَفعَلُ لأَنَالَ هَذَا الشَّرَفَ العَظِيمَ ؟ …إِذَا كَانَ العَاقِلُ يَفرَحُ بِمَحَبَّةِ النَّاسِ لَهُ ، فَكَيفَ بِمَحَبَّةِ الخَالِقِ المُنعِمِ المُتَفَضِّلِ … أيها الأكارم… أيّها الأحباب: ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم آيات تبيّنُ بوُضوح مَنِ الذين يحبّهم الله عز وجل ؟ سنشرح بعضها ، لنفهمها ونتدبرها ونعمل بما فيها … نفْعلَ ما يحبُّ الله ، حتى ننالَ حبَّه عز وجل. يقول سبحانه :﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾(البقرة 195) ويقول : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾ (البقرة 222) ويقول : ﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ البقرة 222) ويقول : ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ (آل عمران 76) ويقول : ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ (آل عمران 146) ويقول : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾(آل عمران 159) ويقول : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ (المائدة 42) هذه أبوابٍ تدخل منها يا عبد الله إلى محبّة الله لك ، سنقف عند بعضها : * الباب الأول:﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾(البقرة 195) فإذاأحْسنْتَ عملَكَ فقد شملَك هذا الباب، إذا أحْسنْتَ علاقتك بِزَوجتك فقد شملَك هذا الباب، إذا أحسنْتَ إلى جيرانك فقد شملَك هذا الباب…مُرْ بالمعروف، اِنْهَ عن المنْكر، أصلِح بين متخاصمين ، أصلح بين زوْجَيْن متخالفيْن …تكن من المحسنين …كنمحسنًا، في البيت، في الطريق، في المصنع ، في المتجر ، في الإدارة …حتى يحبّك الله عز وجل… أخي المؤمن : واعلم أنه إذا أحبَّك الله ألقى حبّك في قلوب الناس، قال تعالى:﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾(طه 39) * الباب الثاني :﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾(البقرة 222) المؤمن مُذْنبٌ توّاب …والتوبة تعني النّدم،التوبة تعني تجديد العهْد مع الله تعالى … فمن هو التوّاب ؟ … " التواب " صيغة مبالغة ، وفرْقٌ بين التائب والتوّاب : إذا تاب الإنسانُ مرَّةً، فهو تائب، أما كلّما شعر أنّه ابتعد، أوانحرف، أو أنّه أخطأ…كلّما شعر أنّه فعل شيئًا لا يرضي الله ، أسْرع إلى التوبة… فهو تواب ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنّ الله يقبل توبة عبده ما لمْ يغرْغرْ) … ويقول أيضا في حديث قدسي : (يا ابنَ آدم، إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئاً لأتيتك بقُرابها مغفرةً) أيها الأخ الكريم :إذا كنتَ كثير التوبة : كلّما وقعْتَ فيما لا يرضيه بادرْت إلى الله، وعاهدْته على الإقلاع عن هذا الذّنْب ولم تعد إليه ، فأنت المؤمن التواب حقا… ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾(التحريم 8) * الباب الثالث : ﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾(البقرة 222) المؤمن طاهرٌ في جسده، طاهرٌ في ثوبه، طاهر في بيتِه ، طاهر في قلبه، طاهر في جوارحه.. تكون العين طاهرةً إذا نظرتْ إلى آيات الله في الكون، وكفّتْ عن محارم الله … ويكون اللِسان طاهرًا إنْ لم تُنَجِّسْه بالغيبة، والنميمة، وقول الزور، والسّخريَة، والفحش… وتكون اليد طاهرة .. إذا كانتْ محْسنةً، وكفَّتْ عن إذايةالناس.. إذًا: طهارة الجوارح أنْ تسْتخدمها فيما أمر الله، وأنتبتعدَ بها عمّا نهى الله تعالى… العَين لها طهارة، واللّسان له طهارة… واليد لها طهارة … فمتى يكون الباطن طاهرا؟ متى يكون القلب طاهرًا؟ الجواب :إن لم يحمِل الحِقْد والحسَد والغلّ،إن لم يكن فيه ضغينة على المسلمين … هذه هي الطهارة ، طهارة الظاهر والباطن …(نْظيف اليد ، وقلبه نظيف وتاريخه نظيف …) الباب الرابع : قال تعالى:﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾(آل عمران 76) من هو المتقي ؟.. هذا الذي يتقي غضَبَ الله تعالى، يتقي أن يخالف أمْرَ الله تعالى، يتقي أن يقع فيما لا يرضي اللهتعالى… إذًا: المؤمن الحقّ يقف عند كلام اللهورسوله .. يَسألُ دائماً : " ما حكم الله في هذا الموضوع ؟ "، "ما حكم الشرع في هذا ؟ "، "أَمُباحٌ هو ؟ أم واجبٌ ؟ أم حرامٌ ؟ أم مندوبٌ ؟ أم مكروهٌ ؟ ".. دائمًا.. في كلّ حركاته، وفي كلّ سكناته، وفي كلّ نشاطاته… الباب الخامس :﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾(آل عمران 146) الصابر هو الذي صبَرَ على طاعة الله، وصبَر عن معصِيَة الله، وصبَر علىقضاء الله وقدره.قال صلى الله عليه وسلم :(وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنّي فعلتُ كذا لكان كذا وكذا، ولكن قلْ: قدَّر الله وما شاء فعل، فإنّ " لو" تفتحُ عمل الشيطان) الباب السادس :﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (( المائدة 42) إذا أنصفْتَ مع الناس، إذا عاملْت الناس كما تحبّ أن يُعاملوك… فأنت مُقْسِط، يحبّك الله عز وجل.. فالمُقْسِط هو العادِل الذي يكون دائما مع الحق ، ولا يميل عنه … أيها الإخوة المؤمنون: وبعد الكلا م عن الآيات فيمن يحبهم الله هذهآيات عمّا لا يحبّه الله ،والذين لا يحبهم الله : قال تعالى :﴿ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾(البقرة 190) وقال تعالى :﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾(البقرة 205) وقال تعالى :﴿ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾(آل عمران 32) وقال تعالى :﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾(آل عمران 57) و قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورا ً﴾(النساء 36) وقال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً ﴾(النساء 107) وقال تعالى:﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾( النساء 148) وقالتعالى:﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾(الأعراف 31) وقال تعالى:﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾(النحل 23) وقال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾(الأنفال 58) أخي المؤمن : إذا فعلْت ما يحبّ الله ، وتركْت ما لا يحبّ ، أحبّك سبحانه … فإذا كان الله في عَلْيائِهِ يحبّك فأين أنت ؟… أعلى مرتبة ينالها الإنسان أن يحبّه الله…أنت في أعلى مرتبة… حالات يحبّها الله تعالى، وأخرى لا يحبّها … فأين أنت منها ؟.. أين أنت من تدبرها والعمل بها … هل أنت مُتَمثِّلٌ لما يحبّ الله عز وجل؟هل أنت تاركٌ لما لا يحبّ؟