تحتفل المرأة التونسية اليوم بعيدها التاسع و الخمسون و ذلك منذ اصدار مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956 أي مباشرة بعد الاستقلال التي سنت قوانين للأسرة تحوي تغيرات جوهرية من أهمها منع تعدد الزوجات وسحب القوامة من الرجل وجعل الطلاق بيد المحكمة عوضاً عن الرجل. و في ذلك دلالات كبيرة على تحرير المرأة التي وقفت منذ ذلك الوقت جنبا إلى جنب للنهوض بالبلاد و بناء مستقبل أفضل. لا أحد يستطيع أن ينكر المكاسب العديدة التي تحصلت عليها المرأة و التي تناظل من أجل الدفاع عليها فالمرأة في تونس تعيش مواطنة كاملة، ولها نفس الحقوق ونفس الواجبات مع الرجل و تحظى بحقوق تطمح إلى اكتسابها نساء في بعض الدول الأوروبية، وكانت تونس وقعت عام 1981 على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة قبل أن تصادق عليها عام 1985، لتكون بذلك إلى جانب مصر من ضمن أولى الدول العربية التي تقر مثل هذه الاتفاقية. لكنها وضعت تحفظات خاصة ضد المادتين 9 و16 من الاتفاقية، والتي تطالب بالمساواة بين المرأة والرجل داخل مؤسسة الزواج. و أصبحت المرأة التونسية اليوم وخاصة بعد الثورة التونسية تواجه بعض المخاوف. ولئن كان عيد المرأة الوطني مناسبة للاحتفال بتعزيز هذه الحقوق من خلال دستور جديد، إلا أنه بالنسبة الى البعض مناسبة للتحذير من المخاطر التي تحيط بالمرأة و من بين هذه المخاطر التي تواجهها المرأة من أقصى الشمال و من أقصى اليمين التهديدات التي جاءت بها المجموعات السلفية والتي تنادي باعتبار المرأة عورة تجب معاملتها وفق الشريعة الإسلامية وموجات العنف الأسري التي نشأت بسبب الفوضى الأمنية وانعدام الرقابة الاجتماعية. و في المقابل تنادي أطراف أخرى بتحرير زائد عن الحد للمرأة التونسية من بينها تلك الدعوات إلى الغاء قانون الميراث المستمد من الشريعة الاسلامية و الدعوات إلى التعري و زواج المثليين وغيرها من الطلبات العلمانية المتطرفة التي من شأنها أن تهدد أيضا مستقبل المرأة في تونس. و من هنا يتبين أن الاعتدال هو المقوم الأساسي الذي يضمن للمرأة التونسية الحفاظ على حقوقها و مكتسباتها و وقوفها جنبا إلى جنب مع الرجل لبناء مستقبل أفضل لبلد أنهكته الثورة.