جربة (وات)- لم يعد مشهد الوافدين الليبيين على جزيرة جربة كما كان عليه خلال الأيام الأولى لاندلاع الأزمة الليبية اذ حلت محل الفئات الميسورة والثرية عائلات بلغ عدد أفرادها في الجزيرة حاليا حوالي 8 آلاف و500 شخص يعيشون على المساعدات التي توفرها الجمعيات الاغاثية سواء كانت تونسية أو تونسية ليبية. وتشهد مدينة حومة السوق أيام الخميس والجمعة والسبت من كل اسبوع طوابير طويلة من السيارات الليبية أمام مقر المجموعة التونسية الليبية للمساعدات الإنسانية للتزود بحاجياتها الأسبوعية من الأغذية في حركية لا تتوقف طيلة ساعات اليوم مما يخلق اختناقا في حركة المرور يستوجب في أحيان كثيرة تدخلا عاجلا للناشطين بهذه الجمعية لاحكام التنظيم. ويقيم عدد هام من هذه العائلات في مساكن وشقق لا يسهمون فيها إلا بقسط بسيط من معلوم الإيجار كما يتمتعون بتغطية صحية مجانية سواء بالمستشفى الجهوي بجربة حومة السوق أو بعيادة خاصة بجربة ميدون فيما وضعت على ذمتهم صيدليتان لاقتناء الأدوية. إلا أن تزايد توافد الليبيين على جزيرة جربة من يوم إلى آخر بات يطرح إشكالا واضحا من حيث ايوائهم. وقد أبدى السيد رؤوف الزراع رئيس المجموعة التونسية الليبية للمساعدات الإنسانية تخوفا بخصوص القدرة على توفير حاجيات الليبيين المتواجدين حاليا بجربة في السكن ومدى الاستعداد لاستقبال أعداد جديدة منهم، مشيرا الى ان استيعاب اعداد اخرى من الليبيين قد يفترض تركيز مخيم لهم. الا ان هذا الحل لم يلق القبول اذ تم رفضه بقوة من الجميع في جزيرة جربة حفاظا على خصوصياتها السياحية وحماية لامنها و سلامتها. ويطرح مشكل السكن بجدية خاصة مع عودة أعداد كبيرة من أبناء جربة المقيمين بالخارج واستعادتهم لمنازلهم التي وضعوها على ذمة الليبيين. ويعود هذا القلق اساسا الى قلة الامكانيات المادية كما يؤكد السيد رؤوف الزراع الذي يقر بضرورة التدخل العاجل للمنظمات الدولية بجزيرة جربة لمجابهة التدفق الهائل لليبيين ومساعدة مكونات المجتمع المدني حتى تبقى الجزيرة قادرة على استقبال الوافدين الجدد عليها. وأضاف انه أمام الأزمة الخانقة للقطاع السياحي اضطرت المجموعة التونسية الليبية للمساعدات الانسانية الى ايواء الليبيين في نزل صغير في انتظار توفر الامكانيات المادية لاسكانهم في فضاء سياحي اكبر. وباستثناء برنامج الاغذية العالمي الذي ينتظر ان تنطلق تدخلاته في الايام القليلة القادمة بتوفير 31 طنا من العجين و7 اطنان من الكسكسي و3 فاصل 5 طن من معجون الطماطم و7 اطنان من العدس وكميات من الزيت والسكر حال توفرها، لم يسجل الى حد الان اي تدخل للمنظمات الدولية لاغاثة الليبيين المتواجدين بجربة. وتجابه تنظيمات المجتمع المدني المحلي مثل "جمعية جربة للتضامن والتنمية" و"جمعية الكرامة" و"جمعية المودة" و"جمعية النسيم الاخضر" والكشافة التونسية والهلال الاحمر التونسي هذا الوضع بامكانيتها الذاتية، الى جانب جمعيات اخرى عديدة بعثت لمساعدة الليبيين في ثورتهم واعانتهم الى حين عودتهم الى بلادهم سالمين. ولئن يظل تأمين السكن الهاجس الاهم في الوقت الراهن، فان المتدخلين لفائدة الليبيين الوافدين على جزيرة جربة لازالوا متفائلين بخصوص امكانية توفير الاحتياجات المعيشية لهم حتى عند حلول شهر رمضان المعظم. ومن جهة اخرى، لا يخفي سكان الجزيرة تذمرهم من بعض السلوكيات غير السوية التي تأتيها مجموعات قليلة من الليبيين في محاولة على ما يبدو لتشويه ثورة بلادهم. وتعمل هذه المجموعات على اشاعة البلبلة وبث الفوضى بالجزيرة لأتفه الاسباب وتقدم احيانا على القيام باعمال عنف وتدخل في احيان اخرى في مواجهات عنيفة مع ليبيين اخرين. كما تعمد هذه الفئات الى افتعال الاشتباكات مع التونسيين في الفضاءات التجارية والعمومية متلفظين بكلام تأباه الاخلاق والقيم. وامام هذا الوضع يدعو مواطنو جزيرة جربة الى وقفة امنية صارمة وحازمة مطالبين بتعزيز تواجد الفرق الامنية بالمدينة الى جانب قيام مكونات المجتمع المدني والمنظمات بدورها في التحسيس والتوعية.