قبلي (وات)- (تحرير حمد التايب) - في قبلي كما في المدن التونسية الأخرى خاصة تلك التي اشتهرت بإنتاج التمور يعتبر الإفطار على حبات من التمر مع القليل من الحليب او اللبن من العادات الغذائية الأساسية التي توارثها الناس جيلا بعد آخر، بل أن مائدة رمضان بكل ما يمكن ان تحوى من أطباق مختلفة واكلات لذيذة قد لا تطفىء جوع الصائم وعطشه إذا ما افتقدت إلى التمور وخاصة دقلة نور. ويحرص أهالي قبلي على حضور التمور على مائدة الإفطار رغم التباعد بين شهر الصيام وموسم نضج دقلة النور بالجهة وهي الظاهرة التي بدأت منذ بضع سنوات بعد أن تقدم الشهر الفضيل على موسم جني التمور الذي يبدأ عادة موفى شهر سبتمبر ويتواصل إلى غاية موفى جانفي من كل سنة. وحتى أنواع التمور الأخرى المعروفة أكثر باسم "الرطب" والتي عادة ما يتم جمعها في النصف الثاني من فصل الصيف فإنها لا تضاهي عند الكثيرين مذاق ملكة التمور "دقلة نور". هذا التباعد بين شهر الصيام وموسم نضج التمور جعل أهالي ولاية قبلي يعمدون إلى الاحتفاظ بكميات هامة من منتوج الموسم الفارط من دقلة نور في مخازن التبريد العصرية أو حتى في الثلاجات المنزلية.إلا أن العديد من العائلات عادت إلى طرق تقليدية كان يستعملها الأجداد في خزن التمور في حلهم وترحالهم خاصة وأنها كانت تمثل زادهم الأساسي طيلة أيام السنة. ولإعداد هذه العملية، تقول الحاجة مباركة بنت بوبكر وهي أصيلة الجهة وتبلغ من العمر سبعين سنة، تعمد النسوة إلى نزع النواة من حبة الدقلة وجمعها في أواني بلاستيكية في شكل طبقات ويتم ضغطها حتى تصبح كتلة واحدة ثم يتم غلق الآنية جيدا لمنع الهواء من التسرب إليها. وقديما كان الأجداد يستعملون لهذا الغرض أواني من الفخار مثل "الخابية" أو "الزير" أو يقومون بجمع التمور في أكياس تتم خياطتها من جلود الماعز وتعرف أكثر عند متساكني الواحات ب"القرب". ويقوم البعض بإضافة القليل من الزيت والزعتر او الزيتون والزعتر إلى هذه التمور فتضفي عليها طعما لا مثيل له. كذلك، اعتمد الناس سابقا طريقة تجفيف التمور وخاصة دقلة نور لاستهلاكها على امتداد السنة، ثم تعليقها في المنازل وهو ما يتيح الاحتفاظ بها لشهور.