الحمامات (وات)- استمع المشاركون في الندوة 24 لأكاديمية اللاتينية التي انطلقت اعمالها يوم الخميس بالحمامات الجنوبية تحت عنوان "المخيال الديمقراطي الجديد" وفي إطار الجلستين العلميتين حول محوري "العالم العربي والاطار المغاربي: تونس نموذجا" و"العالم العربي وجدلية التحول" إلى مداخلات تناولت بالتحليل بالخصوص "الدروس المستخلصة من الثورة التونسية"، "واي مستقبل لربيع الشعوب العربية"، و"هل ان هذه الثورات العربية تحمل معها الربيع ام هو الخريف؟". في مقاربته للثورة التونسية اعتبر استاذ العلوم السياسية ومدير المركز المتوسطي الأندلسي الجزائري سامي نير ان الثورة التونسية تبقى "اعظم الثورات وافضلها والأسلم " ليس فقط لكونها سلمية ولاعتبار ما نتج عنها من تأثيرات في محيطها بل لأنها ما زالت متواصلة وهو ما تجلى من خلال الاحتجاجات التي شهدهايوميا محيط المجلس الوطني التأسيسي. ولاحظ ان الثورة التونسية التي قال انها تعد " أكبر حدث تاريخي بعد الثورة العالمية الثانية" كانت فعلا "ثورة حرية وكرامة " على نظام "جعل من الفساد سياسة اقتصادية ومنظومة اجتماعية " مؤكدا ان ما تشهده الساحة السياسية التونسية اليوم من جدل حول مستقبل الدولة في علاقتها بالدين وما سيتمخض عن هذا الجدل سيفتح الباب أمام باقي الشعوب العربية التي نسجت على منوال تونس في المطالبة بالحرية والكرامة في ان تحدد نمط الحكم الذي تريده في المستقبل. ومن جهتها بينت أستاذة الأدب والحضارة الفرنسية مديرة المعهد الدولي التونسي هالة باجي كيف ان الثورة التونسية التي فاجأت الجميع دفعت بعديد الدول الأوروبية إلى مراجعة مفهومها للديمقراطية فالثورة التونسية اخرجت الديمقراطية من قالبها "الأوروبي التقليدي" ، كما أعطت معاني جديدة للحرية ، حرية واقعية وملموسة تعيد الاعتبار للإنسان. لقد اعطت الثورة التونسية ،حسب تحليل الأستاذة هالة باجي ، لعبارة ديمقراطية، مفهوما اشمل يتصل بكافة اشكال الوجود الاجتماعي والبشري في المجتمعات العربية ، فالديمقراطية الجديدة التي تنشدها الثورة التونسية لا تعني فقط القطع مع نظام سياسي متآكل أو مع شكل من أشكال الحكم وليست اختزالا لآلية من آليات الإقتراع ، بل هي بحث متواصل عن كيفية التموقع في المحيط القريب والبعيد . وخلصت بالتحليل ان "المخيال الديمقراطي " يبقى من هذا المنطلق حرا من كل المرجعيات ايديلوجية كانت ام دينية. وفي مداخلته بعنوان "الثورة التونسية ،هل هي الخريف" وضع رجل الاقتصاد والمناضل في مجال حقوق الانسان محمود بن رمضان سيناريوهين لما قد يتمخض عن الثورة التونسية أولهما سلبي (الخريف) ومرده حسب تحليله منابع الخوف ليس فقط من نتائج الانتخابات، بل من "تصريحات الاسلاميين المتبوعة بأفعال " وتعد مؤشرا بالتخلي على المكاسب الاجتماعية والجمهورية لتونس .فقد وصف في هذا السياق المشروع الذي تقدمت به حركة النهضة مؤخرا حول القانون المؤقت للسلط العمومية "بمحاولة الانقلاب على المجلس الدستوري لان هذا القانون يركز كل السلطات لدى الوزير الأول". اما بالنسبة للسيناريو الثاني (الربيع)، فهو منتظر هو الآخر وحسب رأي الأستاذ بن رمضان بالنظر إلى وقوف المجتمع المدني ضد كل محاولات العودة إلى الخلف وهو ما يتجلى من خلال الاحتجاجات المتواصلة امام مقر المجلس الوطني التأسيسي وكذلك من خلال نجاح القوى الديمقراطية صلب المجلس في كسر التحالف الحكومي. ولاحظ ان النهضة اليوم تحت المجهر، فقد تحولت من الحزب "الضحية في ظل النظام السابق إلى الجزب الذي سيحاسب على افعاله والمطالب بانجاز ما وعد به" مبينا ان مستقبل تونس هو اليوم رهين القوى الديمقراطية المطالبة بإعادة الربيع للبلاد لذا فان سنة 2012 ستكون حسب تقديره سنة مصيرية على مختلف الأصعدة. وتتواصل ندوة "المخيال الديمقراطي الجديد" التي تتواصل إلى يوم السبت بمشاركة عدد هام من المفكرين والسياسيين التونسيين والأجانب تنتظم ببادرة من أكاديمية اللاتينية وبالتعاون مع المنتدى الدولي لمجلة"حقائق" والمعهد الدولي بتونس.