جربة (وات)- دراسة تجربة إغاثة اللاجئين في كامل أبعادها التاريخية والاجتماعية والقيمية ذلك هو الهدف الأساسي للندوة الدولية حول الدروس المستقاة من التجربة التونسية في المجال وآفاقها التي بدأت أعمالها يوم السبت بجزيرة جربة وينظمها على مدى يومين المعهد العربي لحقوق الإنسان بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين . وتهدف هذه الندوة التي تلتئم تحت عنوان "من اللجوء إلى الإيواء" وكما جاء على لسان رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان عبد الباسط بلحسن إلى بناء منظومة إغاثة إنسانية قائمة على حقوق الإنسان والتنمية تكون لها قاعدتها القانونية والمؤسساتية الدائمة وتحدد مسؤوليات كل الأطراف حكومية كانت وغير حكومية محلية وخارجية. وتندرج كذلك في إطار السعي إلى دراسة وتقييم التجربة التاريخية التونسية في مجال اغاثة اللاجئين واستعراض انجازاتها وما طرحته من تحديات وإشكاليات وذلك بهدف توثيق هذه التجربة وتبادل المعارف والخبرات وتلاقح الأفكار بخصوصها بما من شأنه أن يعطي دفعا للعمل الإغاثي. وشكلت هذه التظاهرة مناسبة لنقاش مستفيض جمع مختلف الأطراف المهتمة بقضية اللاجئين من منظمات وطنية وإقليمية ودولية ومتطوعين لتبادل الأفكار والتصورات حول التجربة الإغاثية في تونس. واجمع المشاركون على نجاح التجربة التونسية وقدرتها على أن تعطي مثالا للعالم وفي أن تستقى منها العبر والدروس للتاريخ الإنساني. فقد أكد مسؤول فريق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في تونس كمال دريش نجاح تجربة الإغاثة في الجنوب التونسي في استقبال الوافدين من ليبيا وفي تسهيل عمل المنظمات الدولية التي لم ينف أنها حضرت متأخرة بعد تدخلات ناجعة وتلقائية للمجتمع المدني التونسي الذي ضرب كما قال "المثل في الكرم والضيافة والتضامن ". ولاحظ موظفو المفوضية المشاركين في الندوة أن تونس أثبتت مدى التزامها بالمعاهدات والمواثيق الدولية في مجال شؤون اللاجئين مشيرين من جهة أخرى إلى التحديات والصعوبات التي شهدها العمل الميداني وخاصة في التعامل مع اللاجئين جراء توافد أكثر من 17 ألف لاجئ في اليوم من جنسيات مختلفة . وأبرزت الشهادات الدور المتميز للمجتمع المدني التونسي وإسهاماته في إنجاح هذه التجربة وما تحلى به من شجاعة في رفع المعاناة عن آلاف اللاجئين . وتضمنت أشغال اليوم الأول نقاشات وشهادات شخصية لعدة متدخلين عاشوا تجربة الإغاثة بالجنوب ومن بينها المبادرة الأهلية لحماية الثورة ببن قردان بوصفها أول متدخل بالمنطقة الحدودية ومجالس حماية الثورة وعدة متدخلين أكدت هيئة التنظيم على ضرورة توثيق شهاداتهم بهدف معاضدة جهود المعهد العربي لحقوق الإنسان في توثيق تجربة الإغاثة التونسية. وأكد المشارك زياد حميدان عن مؤسسة الحق الفلسطينية الحاجة إلى تشكيل مؤسسة أو هيكل عربي يهتم بشؤون اللاجئين في ظل تزايد موجات اللجوء وكذلك الحاجة إلى ميثاق عربي للاجئين يضمن حقوق وواجباتهم واليات حمايتهم. ومن جهة أخرى طرح بقاء عدد كبير من اللاجئين إلى حد الآن بمخيم الشوشة الكثير من الإشكالات على المنظمات الدولية المطالبة بترحيلهم وإيجاد سبل مساعدتهم، إلى جانب التفكير في إيجاد الأطر القانونية والمؤسساتية لحمايتهم. وقد انطلقت أشغال هذه الندوة بعرض فيلم وثائقي حول عمليات الإغاثة التونسية صور بمناسبة الزيارة التي أدتها لجنة دعم جهود الإغاثة بولايات الجنوب المنبثقة عن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة إلى ولايات مدنين وتطاوين وقبلي خلال شهر جويلية 2011. كما كانت الجلسة الصباحية للندوة مناسبة لوضع تجربة الإغاثة واللجوء في جانبها التاريخي والاجتماعي وما جسدته من تكريم للحس الإنساني ومفاهيم التضامن والكرامة.