تونس (وات) - مثلت مواضيع تسيير الجوامع والمساجد في ضوء الأوضاع المستجدة بعد الثورة ومن أهم تجلياتها "إنزال بعض الأيمة" بشبهة الولاء السابق لأجهزة نظام بن علي، والجدل حول حيادية بيوت الله سياسيا وحزبيا، إضافة إلى الجوانب القانونية والإدارية والتعليمية المتصلة بتسيير هذه الفضاءات الدينية، المحاور الرئيسية للقاء انتظم صباح السبت بالعاصمة. وأكد رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية العربي بن مبارك في كلمة خلال مائدة مستديرة قدمت في مفتتحها ورقة عمل بعنوان /نحو خطة استراتيجية لتسيير بيوت الله: التأصيل والتفعيل أن "موضوع المساجد اليوم يحتاج إلى مراجعة ويستوجب وضع برامج جديدة لإعادة هيكلة هذه الفضاءات وتعديل دورها". ولاحظ أن المساجد "ليست أماكن عبادة فحسب وإنما هي فضاءات لتلقي العلوم ونشرها وتأهيل العنصر البشري". من ناحيته لفت المستشار الإعلامي والسياسي لوزير الشؤون الدينية علي اللافي، إلى أهمية ملف تسيير الجوامع والمساجد في ظل الإشكاليات التي طرحت بعد الثورة في زهاء 400 مسجد تمت المطالبة فيها بإنزال الأيمة. وأفاد أن هذه الإشكاليات تسير باتجاه الحل ومن أبرز المؤشرات على ذلك تراجع عدد المساجد التي شهدت عمليات إنزال للأيمة المكلفين من 400 إلى 250 حاليا. وذكر اللافي بأن الإشكاليات التي طرحت وقع تعليلها بتعامل بعض الإطارات الدينية المشرفة على المساجد خلال فترة العهد السابق مع أجهزة البوليس للتجسس على المصلين أو بانتماء هؤلاء لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل إلى جانب ولائهم للنظام السابق في ما يتعلق بموضوع خطبة الجمعة. وبين أن الوزارة توخت لمعالجة المسائل المطروحة في الشأن الديني خطة استراتيجية تقوم على دعم استقلالية هذا المجال على غرار الشأن القضائي والإعلامي ثم اعتماد الرصد ومعرفة الظواهر على أرض الواقع وتقصي الحقائق بشأنها. وقد أكد المشاركون في هذه المائدة المستديرة من مختصين في القانون والعلوم الشرعية والوعظ والإرشاد والإمامة والسياسة والتعليم والإعلام، الذين انتظمت أعمالهم ضمن ورشات عمل على ضرورة بث خطاب ديني معتدل وجعل القانون هو الفيصل في المعاملات بين الناس وتحييد المساجد والنأي بها عن كل ما هو سياسي. وفي هذا السياق أوضح أستاذ التعليم العالي بجامعة الزيتونة والإمام الخطيب حسن المناعي أن ورشات العمل يتعين أن تفضي إلى صياغة "شبه ميثاق وطني حول تسيير المسجد حتى تعيش البلاد في وفاق".