قربة (وات) - "الهبرة" بعشرة دنانير و"المخلط" بثمانية دنانير وسعر لحم الخروف 12 دينارا .. أسعار اعتمدها احد القصابين المنتصبين بالسوق البلدي بقربة وجعلت الحرفاء يلقبونه ب"جزار الزواولة" ويتهافتون على محله لشراء حاجياتهم. واثار اعتماد هذا القصاب اسعارا اقل مما طالبت به وزارة التجارة ويصعب منافستها في فترة تميزت فيها اسعار اللحوم الحمراء بغلاء مشط في مختلف جهات الجمهورية استغراب وحيرة كل من علم بالخبر حيث اعتبره البعض من قبيل "الدعابة والهزل" وراى فيه البعض الاخر مبعثا على التساؤل. وعن "السر" خلف مبادرته التي انطلقت منذ قرابة العشرين يوما ويقول عنها إنها لاقت استحسان متساكني مدينة قربة والمدن المجاورة وعديد الحرفاء المتوافدين على محله من تونس العاصمة وحمام الانف ومن القيروان على حد زعمه يجيب بكل اعتزاز " لقد بادرت بالتخفيض في سعر اللحوم الحمراء نتيجة عزوف المستهلك ولاسيما بعد دعوة منظمة الدفاع عن المستهلك إلى مقاطعة اللحوم الحمراء ومالاحظته من تذمر المستهلكين من الاسعار المشطة للحوم الحمراء بمختلف انواعها". ويقول هذا القصاب الذي تعود خبرته في الميدان الى اكثر من 20 سنة "اخترت ان اعيد الحياة الى سوق قربة بان اقدم سلعا محترمة للجودة ولكل الشروط الصحية باسعار ملائمة للمستهلك خاصة ضعاف الحال وان اقلص من هامش الربح من اجل استقطاب المزيد من الحرفاء". ويضيف ان "المسالة تعود ببساطة الى العرض والطلب إذ منذ انطلقت في مبادرتي هذه حتى تطورت نسبة الاقبال على محلي وتطور عدد العجول والاغنام التي اذبحها اسبوعيا من عجلين الى 12 عجلا ومن 7 خرفان الى قرابة 50 خروفا". ويشدد على ان " غلاء اسعار اللحوم الحمراء سببه تدخل الوسطاء وان الحل هو التعامل مباشرة مع المربين من اجل توفير لحوم باسعار معقولة". واكد عدد من الحرفاء الذين التقاهم بسوق قربة مراسل (وات) بالجهة ان العملية ساهمت في اعادة الحيوية التجارية للسوق وفي التقليص من اسعار الدجاج والاسماك. وبخصوص علاقته بزملائه بعد هذه المبادرة بالتقليص في اسعار اللحوم الحمراء يقول " لقد اصبحت مكروها من قبل زملائي خاصة اني اخترت ان اكون في صف الحريف وان ابين لعموم المستهلكين ان بعض القصابين هم من الراكضين وراء الربح السريع". ويرد هذا القصاب على تساؤل يتردد لدى العديد من الباعة والتجار المنتصبين بالسوق وعدد من الحرفاء حول امكانية وقوف طرف سياسي معين وراء مبادرته قائلا"انا لا افقه من السياسة شيئاولا يساندني أي طرف سياسي فالجزارة هي سياستي الوحيدة وانا من مساندي الشعب والفلاح ومن المناهضين للمستكرشين والمحتكرين". واثارت هذه المبادرة جدلا كبيرا بين زملائه من القصابين فمنهم من جاراه في الاسعار ومنهم من خير الابقاء على اسعار أعلى معتبرين ان " ما اقدم عليه هذا القصاب هو من قبيل المخاطرة ومن المسائل التي لا يقبلها العقل" بل انها من قبيل "المغالطة للمواطنين والتي ستكشف قريبا بعد ان تتراكم خسائره". ومن جانبه وصف رئيس النقابة المحلية للقصابين عبد القادر المسعدي المبادرة ب" التسونامي الذي ضرب سوق قربة" مضيفا ان الامر يتعلق بالاختيارات فهناك من يختار الجودة والمصداقية وهناك من يختار المراهنة على بيع كميات اكبر بهامش ربح اصغر" وعلق "لا اعتقد ان العملية ستتواصل لفترة طويلة خاصة وان استمرارية النشاط لا تتحقق باعتماد هذه الاسعار".