تونس (وات)-هي لوحات للفنان التشكيلي علي الزنايدي، زوقت متحف مدينة تونس (قصر خير الدين) ليلملم الاضداد في غير نفرة حيث يغرق الزائر في التراث ويستغرق وقع العصر ويرتد إلى هويته وذاكرته في سياق فني وعبر فضاء تمتزج فيه الألوان لتشكل فسيفساء اختزلت تجربة مستوحاة من التاريخ والمكان والزمان ضمن رؤية إبداعية متفردة. ولدى افتتاحه المعرض الاستيعادي مساء الخميس ليتواصل إلى يوم 27 أكتوبر القادم ،بين وزير الثقافة مهدي مبروك أن هذا المعرض يأتي ليؤكد أن الفنان علي الزنايدي يتمتع بمسيرة تشكيلية متوثبة ذات توجه منفتح وان لوحاته تبقى وفية لارتباطاتها الوثيقة بقاموس العلامات المتجذرة في مرجعياتها العربية الإسلامية والإفريقية والبربرية عندما تتشكل إبداعا وتجعل من الذاكرة التراثية واليومية طريقا للاكتشاف المتجدد. ولاحظ الوزير أن لوحات الزنايدي تظل ابنة بيئتها مشدودة إلى مجال الحياة في أعمق تجلياتها ذلك أن التجربة الفنية كما يقول علماء اجتماع الفن انعكاس لتجربة الحياة وهي تتغذى من الرأسمال الرمزي لدى الفنان الإنسان وما الزنايدي إلا فنان منخرط في المعترك الاجتماعي وليس منزويا في مكان قصي. فكل اللوحات المعروضة عكست ذلك الامتداد بين الأمكنة وكانت خيطا واصلا بين الأزمنة حيث نهل مبدعها من الموروث في بعده الإنساني وارتكن إلى التجريدية الحديثة في شتى مشاربها لتحتل الدلالات الرمزية مركز الاستقطاب في كل لوحاته الفنية التي اتخذت من السرد والحكايا منطلقا لها داخل زمنية الحياة وأسست وجودها الجمالي داخل زمنية الفن. كما عكس هذا المعرض الذي تجمل ب142 لوحة ذلك البحث المتواصل لفنان لم ينثن عن التجدد والبحث والإنتاج ليترجم عن تجربة تشكيلية معاصرة قد فرضت وجودها منذ السبعينات وينتقل بالزائر من مشاهد الجنوب اليومية إلى ذاكرة الهلال والرموز ومن حكايات شعبية الى نفح من الشرق ومن ذاكرة العلامات إلى مشهد النسيان وسفر الليل لطائر السمردل وفي ذكرى قرطاج. واستخدم الرسام في هذه الأعمال عديد التقنيات والحوامل الفنية منها اكليريك على القماش وعلى الورق المقوى وزيت على القماش والكولاج والباستال إلى جانب القلم الأسود والفاتر على الورق المقوى وتقنيات مزدوجة أخرى. يذكر أن الفنان علي الزنايدي مولود بتونس العاصمة سنة 1950 ودرس الفنون الجميلة في الجامعة التونسية وتولى تدريس الفنون التشكيلية بتونس وقد غادر التعليم سنة 2010 وتفرغ لبحوثه التشكيلية والنشاط الجمعياتي. في رصيده عديد المعارض الفردية والجماعية بتونس والخارج كما نال عديد الجوائز منها الجائزة الكبرى الأولى لمدينة تونس سنة 2010.