جندوبة 23 مارس 2011 (وات/تحقيق خديجة البوسالمي) - رغم الأهمية الكبيرة التي يكتسيها نشاط الصيد البحري في الدورة الاقتصادية والاجتماعية في منطقة طبرقة من ولاية جندوبة فان السنوات الأخيرة لم تحمل الجديد إلى هذا القطاع الذي يستقطب أكثر من 600 عامل وحافظ على مردودية متوسطة لا ترتقي إلى مستوى طموحات المهنيين بالجهة. وتشير معطيات المصالح الجهوية المعنية إلى أن معدل إنتاج منتوجات الصيد البحري تناهز ألف طن سنويا وهو ما أصبح يشكل عائقا أمام ديمومة القطاع بأكمله. ويعاني المجهزون والبحارة على السواء في جهة طبرقة من قساوة المناخ على طول السواحل التي تمتد على مسافة 27 كلم الأمر الذي قلص من أيام العمل إلى حوالي 150 يوما في السنة فضلا عن طبيعة قاع البحر المتسببة في إتلاف معدات الصيد. وتضاعفت صعوبات البحارة بالجهة خلال الفترة الأخيرة بعد ان توقف مركز الإرسال البحري بطبرقة عن العمل وهو الذي يوفر النشرة الجوية البحرية مما حدا بالصيادين إلى اللجوء إلى مصالح الحرس البحري للحصول على المعطيات الخاصة بحالة الطقس والبحر. ويرى بعض الفنيين أن أسطول الصيد بالجهة لم يشهد أي تطوير خاصة في ما يتعلق باعتماد التجهيزات القادرة على التعامل مع طبيعة سواحل طبرقة وبحرها وما يتطلبه من تقنيات متقدمة. ويؤكد الصيادون على أن مشكلة الضمانات البنكية وتضخم المديونية يقفان حجر عثرة أمام مزيد تحسين مردودية الأسطول والقطاع بوجه عام على اعتبار أن البحارة أصبحوا عاجزين عن اقتناء التجهيزات الجديدة. كما يعاني القطاع من صعوبات عديدة في استغلال الأسطول المتوفر وغياب القروض الموسمية التي تساعد المهنيين على مجابهة متطلبات نشاطاتهم. ويتطلع البحارة في جهة طبرقة إلى إيجاد الحلول الملائمة لمشكل المديونية البنكية التي بلغ حجمها1 فاصل 2 مليون دينار وذلك بإعداد برنامج جدولة خصوصية تأخذ بعين الاعتبار الوضعيات الخاصة للصيادين. ويطالب المهنيون كذلك بتأهيل الشركة التعاونية للصيد البحري التي تمر بظروف مالية صعبة مما قلص من دورها في تقديم الخدمات للمراكب العابرة المشاركة في مواسم الصيد إلى جانب إيلاء موضوع تكوين اليد العاملة البحرية ما يستحق من اهتمام بهدف تسديد النقص الحاصل في بعض الاختصاصات ودعم الأسطول بتعصير المراكب الساحلية. وفى سياق متصل ابرز البحارة أهمية دعم الشراكة التونسية الأجنبية لما توفره من فرص عمل للعديد من الشبان وأبناء المنطقة وإسهامها في تعزيز نسق التصدير والتشجيع على الاستثمار في الصيد البحري مشيرين إلى ضرورة إعداد دليل مهني خاص بالسلامة المهنية في هذا القطاع. وبهدف مزيد تشجيع البحارة على دعم نشاطاتهم يدعو عدد منهم إلى تعويض شرط الضمان البنكي الذي يتوجب تقديمه عند اقتناء وحدات الصيد الجديدة بصيغة وضع اليد على المركب نفسه والترفيع في سقف الاستثمار خاصة بالنسبة لوحدات الصيد الساحلي ومنح المستثمرين قروضا موسمية لتمكينهم من خلاص أصل الدين. من جهة أخرى يطالب الصيادون بدعم أسطول الصيد بالأضواء واقتناء وحدات إضافية والتشجيع على صيد الأصناف العائمة نظرا لوفرتها ولارتفاع ثمنها عند التصدير. ويرى عدد من البحارة انه أصبح من الضروري بعث صندوق للجوائح على غرار ما هو معمول به في القطاع الفلاحي لمساعدة المهنيين زمن الكوارث. للإشارة فان حجم الاستثمار في قطاع الصيد البحري بالجهة بلغ خلال سنة 2009-2010 حوالي 135 ألف دينار. كما يعد أسطول الصيد البحري 147 مركبا منها 128 للصيد الساحلي ووحدتين للصيد بالأضواء و 10 وحدات للصيد بالجر و7 مراكب للصيد بالسدود مع توفر ميناء صيد أعماق متكامل ومجهز بكل مستلزمات المهنة. وتؤكد كل المؤشرات بأن الجهة تزخر بثروة سمكية هائلة ومتنوعة في حاجة إلى استغلال محكم وهو ما يعكسه الفارق الشاسع بين محصول وحدات الصيد ذات التجهيزات المحدودة والوحدات المتطورة حجما وتقنيات. والجدير بالتذكير أن سواحل طبرقة تتميز بقاع صخري متعدد التضاريس مما يضفي تنوعا على الكائنات البحرية بها. كما تتميز هذه السواحل بقربها من المحيط الأطلسي المزود الرئيسي للحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط بالتيارات المائية والكائنات البحرية إلى جانب قربها من مناطق الصيد الشمالية مما يحد من استهلاك الأسطول للمحروقات وبالتالي يرفع من مردودية نشاطه. ومن سمات سواحل طبرقة كذلك قربها من جزر جالطة التي تعد مياهها مصدر للثروات البحرية المتنوعة.