مأساة المهدية لم تنتهي و أوجاعها لازالت تنزف و 5 من أبنائها مفقودون داخل المتوسّط منذ أيام 8 بحّارة ماتوا عندما كانوا يصارعون الموج بحثا عن قوت عائلاتهم و حتّى جثثهم وصلت حزينة مبللة وحدها إلى شواطئ المهدية، بحار واحد هو من شقّ عباب البحر سباحة، من ناضل و تغلّب على غدر الموج ليصل إلى الشاطئ متعبا، منهكا وحيدا تاركا ورائه رفاق الدّرب و قد أسلموا الرّوح للخالق بين أحضان من خالوه مصدر رزقهم و 5 آخرون في عداد المفقودين، 5 أيام مرت و لازالوا مفقودين، و اليوم فقط تذكّر مسؤولينا و حكومتنا أنه يجب البحث عنهم فلربما تدخلت يد القدر و لازالوا يصارعون الموج أو... أنهم ماتوا و جثثهم سيدثّرها تراب المهدية بدل أن تنتهي في بطون الأسماك. حزينة هي كلمات إبنة أحد هؤلاء البحّارة جاءت مدوّية تشق صمت المسؤولين و قد تذكّروا اليوم زيارة أهالي بحارة مركب البركة: ''نغمض عيني و نحلها نلقا كل شي تبدل، كل شي أظلم كل شي حزين.. كيفاش بش نحكي و كيفاش بش نعطي حق رجال ماتو على خاطرنا.. ماتو و هوما يحللو في خبزة أولادهم و يجيبو في الخيرات السبعة.. كيفاش بش نحكي من غير ما نبكي.. وجيعة كبيرة في قلبي كيف نتفكر بابا داخل للدار و على وجهو هاك الضحكة الحنينة، و غصة كيف نفيق إلي نهار الأحد دفناه و إلي ربي هز متاعو.. أما الوجيعة الي أكبر كي نتفكر الي بلادي، بهياكلها بمعداتها بحكومتها بأشباه رجالها، بكلها بكلالها سلمت في أولادها و ما تلفتلهم حد. هيا يا سيدي ميسالش خلي نفرغ قلبي فماش ما نبرد ! في البرط نجي نحكي مع إلي يخدم غادي يقلي فقدنا الاتصال كان عندك فكرة قلي عليها اتو نعملها (على اساس خدمة شكون هي؟).. نمشيو للولاية نلقاو سي الوالي يحوس لبرا من تونس و الولاية قال شنوا غارقة في شبر ماء و الجماعة ما على بالهم بلي صاير.. سكتونا و قالولنا خرجنا هليكوبتر (خاصة و موش تابعة للدولة و ما فيها حتى معدات)، عملت دورة ساعة من الزمان و رجعت (دارت البحر لكل في ساعة!! على شكون تتمنيكو!).. لا خرجت لا حماية لا جيش لا أي من الأطراف المختصة.. الوحيدين إلي خرجوا و لوجو هوما ناس بحارة، بسطاء.. قوارب غير معدة للإنقاذ اما عليها رجال. وقتلي بدات تظهر الجثث اقتنعنا انو ماعادش فما امل.. دفنا بابا و دفنت معاه قلبي.. أما نعرف بابا مات يجاهد، مات و هو يحاول يعيش.. نعرف زادا الي هذا قضاء و قدر اما كان جات فما فرق انقاذ راهو بابا و الرجال لخرين عايشين. تي حتى كان أنعشوهم عالشطيطة راهم عايشين.. اما الله غالب، طرف بحارة من المهدية ما عندهم حتى قيمة عند تونس. بلادكم تهاونت، ضحات بخيرة رجالها..بلادكم سكرت وذنيها و غمضت عينيها و عملت روحها ما فيبالهاش.. آآاه لا سامحني! تي هاو سيادة الوالي المعظم جانا للدار بش يواسينا.. بعد 5 أيام؟ موش مزال بكري؟ علاش متعب روحك؟ و إلا جاي بش ما نلوموكش؟ برا ما حاجتناش بالكلمتين إلي حفظوهملك و بالشكليات متاعكم! موش كان وقفت معانا و عاونتنا ملول خير؟.. شكون؟ رئيس الحكومة زادا؟ يا مرحبا! جاي بش تبيض وجهك أنت زادا؟ وعلاش الكاميرا و القنوات و الإذاعات و الهيلمانات ؟ آآه صحيح! لازم نوريو الشعب إلي نتوما ساندتونا و وقفتو معانا.. نضحك سيد الرئيس للكاميرا و إلا نبكي بش تحط إيدك على كتفي و تواسيني؟ اماهو سيناريو ظهرلك خير؟ نحبوها تطلع مسرحية مزيانة عاد، بش إلي يتفرج يقول والله تونس تحب أولادها. تونس؟ هههه تونس تقتل الميت و لآا ما تمشيش في جنازتو خاطر ليس عينس بيينس يجيو بعد ب3 أيام.مهما يصير مهما تحاولوا مكمش بش لدار فتحي العماري تدخلوا صحيح إلي ماتو ماتو في البحر، أما إلي قتلهم هو قلة اهتمام المسؤولين و تجاهلهم للحادثة.. هوما إن شاء الله مثواهم الجنة و انتوما إن شاء الله تتحاسبو و حسيبكم ربي.'' الكلام لرانيا عمّاري أما الحزن فقد خيّم على كل من فقد عائلا، أبا، أخا أو زوجا فسلاما لروح فتحي العمّاري، محمد مهدي الغول، خالد المورالي، وحسين الزبيدي، محمد السويسي، حسام السبع، محمد صفر، خيري الخياط و أحمد الحفصي و عودة قريبة للمفقودين...