مازال الشارع التونسي يناقش موضوع تطبيق حكم الإعدام من عدمه ... أيهما يحقق أكثر العدالة إعدام القاتل أو إحترام حقه في الحياة كإنسان. هذا اللغط بين مؤيد ورافض لم يسكته سوى دوي جرافة تونسية و هي تهدم بناية على رأس مواطن تونسي لكي ترديه قتيلا وتنفذ عليه حينها حكم الإعدام فقرا حتى الموت. تفاصيل : أحداث المأساة تدور في سبيطلة، حيث تم تنفيذ قرار هدم على ''كشك'' بناه صاحبه على خلاف الصيغ القانونية. لم يكن تنفيذ عاديا لقرار هدم، حيث تم هدم الكشك على رأس صاحبه النائم بداخله ليلقى حتفه تحت أكوام الحجارة، حادثة لم نر مثيل لها حتى مع جنود الإحتلال في الأراضي الفلسطينية. رئيس الحكومة هشام المشيشي أدرك خطورة الحادثة فسارع بإتخاذ قرار صارم وهو إقالة الوالي والمعتمد و رئيس منطقة الأمن الوطني ورئيس مركز الشرطة البلدية كما كلف رئيس الحكومة وزيري الداخلية و الشؤون المحلية بالتحول إلى سبيطة وتقديم الدعم المادي والمعنوي إلى عائلة الضحية، كما أن النيابة العمومة فتحت تحقيقا للبحث في خلفيات الحادثة. قد يكون قرار رئيس الحكومة صائبا وقد يساهم في تخفيف الأجواء المشحونة في المنطقة لكن المشكل يبقى أعمق من ذلك بكثير. ما هو مخيف هو حالة الوهن التي أصبحت عليها الدولة والمجتمع على حد سواء. فالدولة التي كان تمثل دور الأب في المجتمع بتطبيقها للقانون ومعاقبة المخطئين كل حسب ما اقترفه من ذنب أصبحت اليوم تفتقد إلى ثقة مواطنيها وأعوانها. فالجرافة التي أطاحت ''كشك'' المواطن، أطاحت أيضا الكثير من الحيطان التي كانت تغطي عجز الدولة والمجتمع. فالمواطن الضحية لم يكن له الثقة في الدولة كي توفر حياة كريمة لإبنه فبنى له كشكا عشوائيا، ولم يكن له الثقة في الدولة في تطبيق قرارات الهدم فنام في '' الكشك'' خوفا من أن يهدم ما بناه دون غيره من المارقين على القانون، فما كانت من الدولة إلا أن تكون عند حسن الظن فهدمت الكشك وهو بداخله لترتديه قتيلا.