لا يزال وقع كلمات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بأن فترة صلاحية الاتفاق السياسي بين أطراف الأزمة الليبية، الموقّع في مدينة الصخيرات المغربية انتهت، عميقا في الساحة السياسية الحزبية ، ليثير عاصفة جديدة في هذا البلد الذي لا يكاد يخرج من أزمة إلا ليدخل في أخرى أشد تعقيدا. وفي خطاب متلفز، اعتبر حفتر ان تاريخ 17 ديسمبر يشكل «منعطفًا تاريخيا خطيرا» إذ «تنتهي فيه صلاحية ما يسمى بالاتفاق السياسي لتفقد معه كل الأجسام المنبثقة عن ذاك الاتفاق بصورة تلقائية شرعيتها المطعون فيها منذ اليوم الأول من مباشرة عملها». وأشار «رغم ما نواجهه من تهديدات، نعلن بكل وضوح انصياعنا التام لأوامر الشعب الليبي الحر دون سواه، فهو الوصي على نفسه والسيد في أرضه ومصدر السلطات وصاحب القرار في تقرير مصيره». ومن الجدير الإشارة إلى ان الاتفاق الذي وقع قبل عامين في منتجع الصخيرات المغربي برعاية الأممالمتحدة ينص على تشكيل حكومة الوفاق لمدة عام قابلة للتمديد مرة واحدة. وتنتهي ولاية الحكومة المذكورة التي يترأسها فايز السراج نظريا الأحد، رغم انها لم تنل ثقة برلمان طبرق المدعوم من خليفة حفتر. و بعد مرور عامين على الاتفاق السياسي الليبي، الذي وقّعته الأطراف الليبية في مدينة الصخيرات المغربية، بعد عام كامل من المفاوضات بينها من دون أن تصل ليبيا إلى برّ الأمان، بسبب عراقيل عدة، على رأسها الطموح العسكري والسياسي لحفتر، الذي ربما تؤول إليه كل العراقيل التي واجهت تنفيذ الاتفاق، هاهو يعلن من جديد عدم اعترافه بهذا الاتفاق وبمخرجاته في خطوة منه لتعطيل الخطوات التي ستوقف فتيل النزاعات وترسو بالبلاد الى بر الأمان. رد رئيس حكومة الوفاق فايز السراج جاء سريعا، إذ أعلن انه لا توجد تواريخ لنهاية الاتفاق السياسي مؤكدا إن حكومته مستمرة في عملها، إلا عند التسليم لجسم منتخب من الشعب. وجدد رئيس المجلس الرئاسي الالتزام بإجراء الانتخابات في ليبيا خلال 2018، وأنه لن يسمح بوجود فراغ تحتلها الفوضى والانتهاكات، ويتسلل إليه التطرف والإرهاب. ودعا السراج، الأطراف الليبية، إلى "وضع الخلافات وراء ظهورنا، وأن نضع هدفا واحدا صوب أعيننا، وهو أن تجتاز بلادنا المحنة ونصل بها إلى بر الأمان، ليلتف الليبيون حول حكومة الوفاق الوطني، ونستفيد من الزخم الدولي الحالي لدعم المسار التوافقي، ونبني سوياً الأرضية التي تصل بنا إلى الانتخابات وانتهاء المراحل الانتقالية، وليفسح الجميع الطريق للشعب ليقول كلمته عبر صناديق الاقتراع، وليس بالقفز على السلطة أو عسكرتها"، مبرزا أن "الخروج عن الوضع الليبي الراهن لن يكون إلا عبر الانتخابات". بدوره، دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، جميع الأطراف الليبية إلى عدم تقويض العملية السياسية وذلك بعد إعلان حفتر انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي. و توالت ردود الأفعال السياسية الرافضة لإعلان حفتر أن فترة صلاحية الاتفاق السياسي بين أطراف الأزمة الليبية، الموقّع في الصخيرات ، انتهت ، تباعا. فمجلس الأمن الدولي بدوره اعتبر ان اتفاق الصخيرات «يبقى الإطار الوحيد القابل للاستمرار لوضع حد للأزمة السياسية في ليبيا» في انتظار إجراء انتخابات مقررة العام المقبل. وأكد البيان الصادر عن اجتماع دول الجوار الليبي دعم وزراء خارجية تونس، خميس الجهيناوي والجزائر عبد القادر مساهل ومصر سامح شكري للاتفاق السياسي باعتباره إطارا للحل السياسي في ليبيا». ورفض وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني، المهدي البرغثي، ما أسماه ب"شخصنة المؤسسة العسكرية"، في إشارة إلى خطاب حفتر واستمرار تمسكه بقيادة الجيش، مؤكدا، خلال بيان وزعه مكتبه الإعلامي، حرص الوزارة على"بناء قدرات المؤسسة العسكرية وتطوير إمكانياتها القتالية والفنية في كافة التخصصات، بما يمكنها من تنفيذ مهماتها الرئيسية". كما أعلنت "كتيبة النواصي"، إحدى المجموعات المسلحة البارزة في طرابلس، والتابعة لحكومة الوفاق، رفضها تصريحات اللواء الليبي المتقاعد، معتبرة، في بيان رسمي، أن إعلان حفتر انتهاء عمر الاتفاق السياسي"دعوة إلى الانقلاب على العملية الديمقراطية، وإنهاء عملية التداول السلمي على السلطة، وإفشال كل الجهود الدولية والمحلية والعربية من أجل إيجاد فترة انتقالية ديمقراطية حقيقية في ليبيا". وأكدت الكتيبة أن حفتر "يهدف إلى إرجاع ليبيا إلى حكم الفرد وحكم العسكر"، كما أكدت رفضها كلمته ووقوفها في وجه أي "محاولة للقفز على السلطة بقوة السلاح". من جانبه، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، خلال كلمة بمناسبة عامين على الاتفاق السياسي، استمرار الاتفاق، قائلا إنه "لا يوجد تاريخ محدد لنهاية الاتفاق السياسي إلا باتفاق الليبيين". في المقابل، لم يبتعد موقف صالح كثيرا عن موقف حفتر حيال حكومة الوفاق، إذ اعتبر أن "حكومة الوفاق هي التي انتهت مدتها وعليها الرحيل"، مشيرا إلى أن "شرعيتها منقوصة من الأصل، لأن النواب لم يعطوها الثقة". ودعا رئيس مجلس النواب "كل الليبيين، إلى الاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة"، معتبرا أنها "الحل الوحيد للأزمة الليبية"، وأكد أن "من يعارض فكرة الذهاب إلى الانتخابات لا يريد للوضع الحالي حلا".