عرفت تونس في الثلاث السنوات الاخيرة تطوّرا نوعيا في الحياة البرلمانية ، نظرا للأنشطة التي شهدتها المؤسسة التشريعية، سواء تلك المرتبطة أساسا بوظائفها الدستورية والتشريعية أو الرقابية. و بعيدا عن المقاربة الكمية التي تقيس بها عمل البرلمان وفعاليته بعدد النصوص القانونية التي صادق عليها خلال السنة، فإن الجانب النوعي يفرض القول بأن الحياة البرلمانية في تونس تتسم بالايجابية، نظرا لكون النصوص التي صادق عليها البرلمان ذات تأثير واسع وتنعكس بشكل إيجابي وإجمالي على الممارسة الحقوقية في البلاد. و صادق البرلمان التونسي على ما يناهز 150 قانونا،على مدى ثلاث سنوات، وما كان لهذه القوانين أن تمرّر وتعرف المصادقة، لولا الحس الوطني لبعض نواب الشعب الذين خيروا مصلحة الوطن على المصالح الضيقة للأحزاب . وتعتبر اكبر محطة في الحياة البرلمانية، خلال السنة 2017 تلك المرتبطة بمصادقة مجلس النواب، بالأغلبية على قانون مناهضة العنف ضد المرأة يوم 24 جويلية، ووصفت المنظمات الوطنية و الدولية المصادقة على القانون"بالقرار التاريخي" الذي يؤكّد التزام تونس في سبيل حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما صادق البرلمان التونسي بالأغلبية المطلقة على انضمام تونس إلى اتفاقية مجلس أوروبا بشأن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي لتكون تونس أول دولة عربية وأفريقية يتم قبولها من خارج أوروبا للانضمام إلى الاتفاقية المعروفة باسم اتفاقية "لانزاروتي". سنة 2018 قد تكون صعبة أمام مجلس نواب الشعب بالنظر إلى التحديات المطروحة خلال المدة القادمة، أهمها تهيئة مناخ ملائم لانجاز الانتخابات البلدية، واستكمال تركيز الهيئات الدستورية وسد الشغور صلبها و المصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية قبل موعد الانتخابات البلدية من قبل لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح. كما ستنظر اللجنة في ما بعد في مقترح قانون يتعلق بالتصريح بالمكاسب الذي نظرت فيه سابقا لكن تم إيقافه من أجل تسريع النظر في مشروع المجلة. من جهة ثانية يعمل البرلمان على تطوير الجانب الرقابي للمجلس على الحكومة، وذلك عبر تطوير آليات الحوار معها وسبل الرقابة، وافضى الاجتماع المنبثق عن رؤساء الكتل النيابية ضرورة بعث وحدة إدارية لمتابعة الأهداف المرسومة في ميزانيات مختلف الوزارات ومراقبة تفعيل الحكومة للقوانين الصادرة عن المجلس ومتابعة إصدار الأوامر التطبيقية المتعلقة بها. بالإضافة إلى ذلك، أقرّت ندوة الرؤساء، التي تضم رئيس البرلمان ورؤساء الكتل النيابية واللجان البرلمانية، تفعيل الفصل 147 من القانون الداخلي التونسي القاضي بتخصيص جلسة حوار قطاعية مع أعضاء الحكومة مرة كل شهر ومتابعة الالتزامات الحكومية الناتجة عنها. بدوره، أوضح النائب عن الجبهة الشعبية أحمد الصديق، أنه سيتم إرساء تقليد عمل جديد يتمثل في الرقابة على النصوص الترتيبية للقوانين التي يصادق عليها المجلس، وفسّر أن القوانين تحتاج إلى أوامر وقرارات لتفعيلها وتنزيلها على أرض الواقع، غير أن ذلك غالباً ما يستغرق مدة زمنية مهمة أو تتلكأ الحكومة فيه، ما يجعل النص غير ذي قيمة ومعلقاً بانتظار تفعيله.