جملة من الاستقالات تجتاح الاحزاب التونسية هذه الفترة، فضلا عن تغييرات مستمرة تطرأ على المشهد السياسي التونسي، منها بروز أحزاب سياسية جديدة وانصهار أخرى، وتكوين جبهات وتحالفات، جعلت من الساحة السياسية أرضية متحركة لم تستقر منذ 2011، واشتدت وتيرتها مع اقتراب مواعيد الاستحقاقات الانتخابية. وهو ما دعا عددا من المراقبين إلى الحديث عن تغيرات كثيرة قد تعتري المشهد السياسي في البلاد، مع سعي جل الأحزب لإعادة هيكلة نفسها والبحث عن موقع جديد بعد تراجع شعبيتها بسبب التشققات التي عصفت باغلبها والانسحابات التي هددت استقرارها. اخر الاستقالات أعلنها القيادي في حزب المسار فوزي الشرفي، الذي أكد أنه جمّد نشاطه داخل الحزب، وفي مداخلة على قناة التاسعة شدد الشرفي على أنه من الضروري بعد أكثر من سنة من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية تقييم الوضع . وفي إجابته عن سؤال حول هل يتخوف المسار من أن يؤدي تجميد نشاطه لنفس نتيجة الحزب الجمهوري الذي غادره الوزير إياد الدهماني، قال الشرفي «استبعد كل البعد أن يسير سمير الطيب أمين عام الحزب في هذا التمشي وتكون له هذه الأفكار وهذا ليس تمشينا ." هذا واعلن كاتب الدولة للأمن سابقا رفيق الشلي استقالته من حزب المستقبل، وكتب الشلي في تدوينة على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي، "فايسبوك ""لعدم إمكانية مواصلة العمل في حزب المستقبل قرّرت الانسحاب منه". يُذكر أن الشلي كان قد التحق بحزب "المستقبل" الذي يرأسه الطاهر بن حسين في سبتمبر 2017. وكان الشلي قد اكد في تصريحات سابقة لجريدة الشارع المغاربي أنه قرر الانضمام الى الحزب بعد اطلاعه على قانونه الاساسي ونظامه الداخلي وبعد ان لاحظ وجود ضمانات ديمقراطية صلبه "واصفا اياه بأنه"حزب وسطي تتوفر فيه مقومات الديمقراطية" حسب تعبيره. يذكر أن الشلي كان قد شغل خطة كاتب دولة لدى وزير الداخلية مكلفا بالشؤون الامنية في حكومة الحبيب الصيد وتم اعفاؤه من مهامه في غرة ديسمبر من سنة 2015. وقد شغل الشلي على التوالي مناصب مدير أمن الرئيس والشخصيات الرسمية ومدير الامن الخارجي ومدير الشرطة العدلية وقنصل عام لتونس بطرابلس (ليبيا )ومتفقد عام للامن الوطني. الانسحابات والاستقالات لم تعد حكرا على هذين الحزبين فقبلها بأيام قليلة عاش حزب افاق تونس على وقع أزمة فككت استقراره وأفرغته من قياداته وممثليه فيالحكومة حيث جمّد أربعة أعضاء في حكومة يوسف الشاهد عضويتهم في الحزب واستقال رئيس مجلسه الوطني كريم الهلالي، كما أعلن نائبه أنور العذار استقالته من الحزب إثر قرار المجلس الوطني الانسحاب من وثيقة قرطاج. وفي قرار مفاجئ أعلن سليم الرياحي نهاية الشهر المنقضي استقالته من رئاسة الاتحاد الوطني الحرّ دون أن يكشف عن الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار. يأتي ذلك بعد إعلان الحزب انضمامه من جديد إلى اتفاق قرطاج بعد انسحابه منه وأصبح أحد الأطراف الثلاثة المشكّلة لما سميّ بالترويكا الجديدة والتي تضمّ إلى جانب هذا الحزب نداء تونس وحركة النهضة . ويتخوف السياسيون في تونس من عزوف الشعب ومقاطعهم لصندوق الاقتراع فإن من أبرز العوامل التي خلقت قطيعة بين التونسي والسياسة، هو ما تعيشه الساحة السياسية من هشاشة المشهد الحزبي بالبلاد، باستثناء حركة النّهضة التي حافظت على تماسكها في الوقت الذي شهدت فيه باقي المكونات الحزبية في تونس حالة من الانشقاقات والانقسامات والصراعات الداخلية مما كشف ضعف الثقافة الحزبية في إدارة الاختلافات الدّاخلية.