في إطار الوعي بالمسؤولية والالتزام بضرورة دعم الاستقرار السياسي في البلاد التي تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة، بدا الاتحاد العام التونسي للشغل أكثر اتزانا وتعقلا في تعامله مع التحركات الاحتجاجية مؤخرا ومع الحكومة، خصوصا أن مواقفه كانت دائما رغم دعمها للحكومة مناصرة للتطلّعات والمطالب الشعبية قبل كل شيء. ويبدو الاتحاد العام التونسي للشغل مرة أخرى، أكثر انشغالا بما تمر به تونس من أزمة اقتصادية واجتماعية فضلا عن الاجتماعية، من الاحزاب وأكثر نضجا منها، ففي الوقت الذي تركز فيه هذه الاحزاب كافة جهودها واهتمامها في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة على اختلافها، وعلى التحضير للحملة الانتخابية المقبلة، يحضر الاتحاد لعقد منتدى إقتصاديا وإجتماعيا خلال النصف الثاني من شهر فيفري المقبل، على أن يتناول المنتدى 3 محاور أساسية تتعلق بالأزمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية. وتقدر المنظمة الشغيلة أن الازمة السياسية في تونس أدت الى تردي الوضعين الإقتصادي والإجتماعي ومن هذا المنطلق قرر ان لن تقع دعوة الاحزاب السياسية للمشاركة في النقاشات خلال المنتدى تجنبا لتجاذبات تحيد عن اهدافه حيث ستنحصر النقاشات خلال المنتدى بين خبراء من تونس والخارج. واعلن الامين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أن الإتحاد سينظم النصف الثاني من شهر فيفري المقبل منتدى اقتصاديا لرسم سياسة تنموية تراعي القدرات المالية والبشرية لتونس، وإكتفى الطبوبي بالتأكيد على ان ذلك المنتدى سيحضره خبراء في المجال الاقتصادي والاجتماعي من داخل تونس وخارجها وخاصة سيكون «بعيدا عن كل التجاذبات السياسية». ونقلت مواقع صحفية أن المشاركة في المنتدى، ستكون مقتصرة على حوالي 80 خبيرا في المجال الإقتصادي والإجتماعي والقانوني وكذلك في العلوم السياسية، 40 من داخل تونس و40 من الخبراء التونسيين في منظمات وجامعات في الخارج ستناقش 3 محاور، وهي الجانب الإقتصادي والإجتماعي والسياسي. من جهته، أكد الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل بوعلي المباركي في تصريح للمغرب ان الإتحاد يعي جيّدا ان سنة 2018 صعبة بكل المقاييس مما يستوجب طرح مشروع إنقاذ للخروج من دائرة الأزمة التي تعيشها البلاد على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي. حول دور الاتحاد في معالجة الازمة التونسية بجانبها الاقتصادي والسياسي فضلا عن الاجتماعي، أكد المحلل السياسي عادل السمعلي في تصريحه ل"الشاهد"، أن مواقف المنظمة الشغيلة لم تعد واضحة ولا مفهومة، لأنه يؤيد رئيس الحكومة من جهة، ويقود تحركات احتجاجية ونقابية أغلبها تطالب بالزيادة في الاجور من جهة أخرى. ولفت إلى أن المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في فيفري الحالي، قد يطرح بدائل تنموية كمحاول لانقاذ الاقتصاد الوطني، خاصة أن البلاد تحت ضغط صندوق النقد الدولي الذي يطالب بعدم الزياددة في الاجور، في انتظار ما قد يخرج به من نتائج وتوافقات. هذا وغلبت على موقف الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي عوّدنا بأسبقيته في الاحتجاج وتنظيم الاعتصامات، الرصانة في تعامله مع التحركات الاحتجاجية التي شهدتها تونس مطلع العام الحالي، حيث خيّر المصلحة الوطنية ومواجهة المسألة بتعقّل دون التوجه الى الشعبوية وتأجيج الشوارع وخلق الفوضى على غرار ما سارعت إليه ثلة من الأطراف السياسية التي تستغلّ الأوضاع الاجتماعية لخدمة مصالحها السياسية. ويرى مراقبون في محاولة اتحاد الشغل التوصل الى توافق مع منظمة الاعراف حول الزيادات في الاجور وحول تقارب وجهات النظر حول وثيقة قرطاج، وعيا بالمسؤولية الاجتماعية في تغليب المصلحة الوطنية، ومواصلة دعم اتفاق قرطاج الذي نص على جملة من الاوليات التي من شأنها أن تصل بالبلاد الى انتخابات 2019، وان تحقق الانتقال الديمقراطي المتأخر، بسبب تناحر الاحزاب وتكالبهم على السلطة والمعارضة. وتشدد قيادات المنظمة على ان تونس في حاجة الى إستقرار سياسي وليس الى إرباك جديد وإهدار وقت لتشكيل حكومة أخرى، وانهم يرفضون شعارات إسقاط الحكومة لمصلحة تونس وتفادي عدم الإستقرار، وشدد الأمين العام المساعد للاتحاد حفيّظ حفيّظ أن الإنسحاب من وثيقة قرطاج غير مطروح البتة بالنسبة لهم وأنهم لا يرون أي مبرّر للخروج منها وأنهم يعتقدون أن مضامين وثيقة قرطاج يمكن ان تكون تجميعا للقوى المدافعة عن تونس.