سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جدل إقدام الأمنيين على استغلال "نفوذهم" و"انتهاك" حرمة القضاء يعيد إلى الواجهة مسألة قانون زجر الاعتداءات عليهم.. نشطاء: "يجب الاتعاظ من ‘بطش' الأمنيين!"
بلبلة واسعة فجرتها مؤخرا النقابات الأمنية التي استغلت نفوذه لمحاصرة المحكمة الابتدائية ببن عروس منتهكة السلطة القضائية ألا وهي السلطة الثالثة بالبلاد ، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة جدل مشروع قانون زجر الاعتداءات على الامنيين إذ رأى عدد من متابعي الشأن السياسي أنه على نواب البرلمان أخذ ما أقدم عليه الأمنيون بعين الاعتبار من أجل الاتعاظ من ذلك اثناء مناقشة مشروع القانون. وطالب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بحل هذه النقابات "بعد أن تجاوزت دورها في الدفاع عن حقوق منظوريها"، فيما نفى ممثلوها تلك الاتهامات. و من جهتهم ، نفذ القضاة والمحامون ، الخميس غرة مارس 2018 ، "يوم غضب"، بكامل محاكم البلاد احتجاجًا على التعدي الذي لحق السلطة القضائية والانتهاك الصارخ لمقر المحكمة الابتدائية ببن عروس وقضاتها، وذلك على خلفية الوقائع الخطيرة التي جدت بالمحكمة المذكورة الإثنين الماضي من النقابات الأمنية التي ما فتئت تثبت في كل مرة تغولها عثلى الدولة. وشهدت المحاكم التونسية تأخير انطلاق الجلسات مدة ساعتين، فيما نفذ كل من القضاة العدليين والإداريين والماليين، وقفة احتجاجية، بالزي القضائي أمام المحكمة الابتدائية ببن عروس التي شهدت الحادثة. وتعود وقائع الحادثة المذكورة التي كانت سببًا مباشرًا في إعلان قضاة تونس اليوم، "يوم غضب"، إلى إقدام العشرات من العناصر الأمنية المحسوبة على النقابات الأمنية على محاصرة مقر المحكمة الابتدائية ببن عروس بأسلحتهم وبزاتهم الامنية وسياراتهم المهنية، بسبب إحالة 5 أمنيين من زملائهم إلى التحقيق من أجل شبهة تعذيب، مطالبين بضرورة الإفراج عنهم. وكان القضاء قد فتح تحقيقًا ضد 5 عناصر من الشرطة، إثر شكوى تقدم بها أحد الموقوفين عن طريق محاميه على خلفية تعرضه لاعتداءات جسدية، وكذلك بناء على ما تضمنه تقرير الطبيب الشرعي الذي أثبت تعرض المشتكي للعنف الذي نجم عنه وجود 22 كدمة في جسده، فضلاً عن إصابته بجروح أخرى في يديه نتيجة شظايا بلورية، وأمام الضغط، انتهت الجلسة بإطلاق سراح الموقوفين، وقادت بعدها النقابات الأمنية "مسيرة انتصار" احتفالية. وجاء التجمهر بعد دعوة نقابة موظفي الإدارة العامة للأمن العمومي إلى "الاستنفار والحضور" بكثافة أمام المحكمة، ودعوتها جميع الأمنيين إلى عدم المثول مستقبلاً أمام الجهات القضائية بخصوص القضايا المرتبطة بممارستهم لمهامهم الأمنية. موجة الرفض لتحركات بعض المحسوبين على النقابات الأمنية لم تتوقف عند بيانات التنديد، إذ أكد النائب في البرلمان، ياسين العياري، نيته رفع دعوى قضائية في هذا الإطار. وكلّف العياري محاميا لتكوين فريق قانوني يدرس الملف من جوانبه المختلفة لرفع قضية ضد النقابة الأمنية التي دعت للتجمهر أمام محكمة بن عروس، معتبرا أن دخول عناصر أمنية مسلحة للمحكمة "يؤثر على عمل القضاء وتكريس لقانون الغاب"، حسب تعبيره. كما اكد انه سيسائل وزير الداخلية حول ما سماه "فشلا في فرض الانضباط على بعض منظوريه الذين تجاوزوا القانون في محكمة بن عروس". و اشار النائب الى انه سيبحث إمكانية اقتراح مبادرة تشريعية لتنقيح المرسوم الذي يسمح للأمنيين بالتنظم، مشيرا إلى أن هذه المبادرة قد لا تلقى نجاحا على اعتبار أن موضوع النقابات الأمنية "محرج للطبقة السياسية" خاصة في هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات البلدية. وفي تعليقه على ذلك، دون الناشط السياسي طارق العمراني : "بإعتماد نظرية الكأس الشهيرة التي تقوم علي النظر إلي نصف الكأس المملوء ثم مقارنته بالنصف الفارغ او العكس وبالاستئناس بنظرية الكاتب الكندية نعومي كلاين "عقيدة الصدمة"(نظرية تقوم علي استغلال كارثة أو حدث مفصلي لتمرير قرارات يصعب إتخاذها في الحالات العادية) يمكن لنا ان نناقش هذه الحادثة بعد ان استفقنا من سكرتها وبدأت فورتها تنحسر والقيام بجرد حساب عقلاني بالنظر إلي جانبها الايجابي (لا تنصدم عزيزي القارئ) فهذه الحادثة قد اثارت حفيظة طيف واسع من الامنيين الشرفاء الذين اعتبروا في حادثة محاصرة المحكمة اضعافا لحجة الامن الجمهوري التي تحاول وزارة الداخلية تأكيدها لدي الرأي العام، وتقويضا لمجهودات سنين حاولت فيها المؤسسة الامنية تمتين علاقتها مع المواطن المحترز من المؤسسة بإعتبارها جهازا طوعه بن علي بشكل واضح لتثبيت مداميك دولته القمعية ،فالمؤسسة الامنية رغم بعض التجاوزات قد بدأت في اقتلاع ورقة التطبيع مع المواطن وكسب ثقته من خلال حماية الدولة والوطن كان ثمنها دماء غالية ومازالت ملحمة بن قردان حيّة وستظل كذلك في الذاكرة الجماعية التونسية وبالتالي ستكون هذه الحادثة بمثابة درس لبعض الامنيين المندفعين ومنعرجا لتعميم عقيدة الامن الجمهوري بعد سنوات من الاخذ والرد رغم ان الطريق مازال طويلة وعقباته كداء ". ومن جانبه، تساءل القاضي أحمد الرحموني (رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء) « من يحرس الحراس؟ أمنيون (من المفروض حماتها) يطوقون المحكمة ويعبثون بحرمتها.. برمزيتها أمام الناس! ما جد أمس أمام المحكمة الابتدائية ببن عروس- تحت مظلة النقابات الأمنية – ليست اول حادثة ولا مجرد واقعة!». وأضاف «هل تحولت القوات النظامية الى «مليشيات مسلحة»؟! تجمهر وتطويق واستعمال السيارات الوظيفية وتهديد واقتحام لبهو المحكمة ورفع السلاح واعتداء على محام وعلامات انتصار...الخ . ماذا يجري؟ وماذا يريدون؟ عمليات «بوليسية» شبه عسكرية لاستعراض القوة وممارسة الضغط بهدف «تخليص» عدد من الأمنيين يمثلون – كباقي المواطنين- أمام قاضي التحقيق. فهل يمكن ان تمر حادثة بن عروس (مثلما مرت غيرها !) دون محاسبة وأن يسكت في كل مرة وزير الداخلية وبقية المسؤولين ويفلت المذنبون من العقاب؟».