بعد 14 جانفي عرفت تونس مشهدا سياسيا متحركا ومتنوعا وتمكن الاتحاد العام التونسي للشغل من لعب دور بارز من خلال وصوله إلى مرتبة المؤسسة الفاعلة بالبلاد خصوصاً عقب وفاة لطفي نقض وكذلك على اثر عملتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي حيث تمكن الاتحاد العام التونسي للشغل نتيجة المشهد الضبابي الذي عاشته بلادنا خلال تلك الفترة وللخروج من المأزق بتنظيم حوار وطني لحل أزمتي تونس السياسية والاقتصادية نتيجة تفاقم الإرهاب وعجز الموازنة وتراجع الاستثمار . ونجح على إثرها الرباعي الراعي للحوار في الظفر بتوقيع 21 حزباً على خارطة طريق قادت البلاد للخروج من أزمتها حينها وأفضت إلى تكوين حكومة كفاءات وطنية لإنهاء صياغة دستور للبلاد والاتفاق على الإعداد للانتخابات المقررة حينها نهاية 2014. و لكن بالرغم الدور الوطني و الديبلوماسي الذي يلعبه الاتحاد العام التونسي للشغل في تقرير مآلا الأمور المصيرية ، يعيب المتابعون للشأن السياسي تدخل الاتحاد في الشأن السياسي إلى درجة أنّ البعض دعاه إلى تكوين حزب سياسي. و يرى ملاحظون ان اتحاد بعد الثورة ليس هو نفسه اتحاد ما قبلها. اذ أنّ صورة العمل النقابي تكاد تفقد صفاتها المعهودة وطغى عليها السياسي في الكثير من الأحوال. و يجمع اهل الاختصاص السياسي على أن الهدف المعلن من وراء كلّ ممارسات الاتحاج هو شل أجهزة الدولة وإضعافها توازيا مع تعنّتها و رفضها لكل الخيارات الحكومية. وخلال الفترة الماضية نقل الاتحاد انتقاداته للحكومة إلى النقابات القطاعية مثل نقابة التعليم الثانوي القوية والتعليم العالي والأطباء والبريد ليمارس من خلال الإضرابات نوعا من الضغوط الاجتماعية والسياسية على الحكومة. ورغم أن الشاهد شدد في أكثر من مرة على أن علاقته بالاتحاد ستحكمها سياسة الحوار والتشاور حول مختلف الملفات وفي مقدمتها الملف الاقتصادي والاجتماعي، غير أن الاتحاد انتهج سياسة الضغط تجاه الحكومة مستفيدا من الأوضاع الاجتماعية المتدهورة حيث ما انفك يحمل مسؤوليتها للحكومة والحال أن الأزمة تتجاوزها. ومن أهم الملفات المرشحة لإشعال "حرب" بين الشاهد والاتحاد هو ملف خصخصة عدد من مؤسسات القطاع العام التي تشكو صعوبات مالية إلى حد الإفلاس. ويرى مراقبون إن توتر علاقة الحكومة بالاتحاد هي أعمق من الخلاف حول معالجة الإصلاحات لتشمل أبعادا سياسية تشمل دور المركزية النقابية في الشأن العام. و عبر الاأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبيعن رفض حصر مهام المنظمة الشغيلة في مربع المطلبية العمالية البحتة مشددا على المسؤول السياسي مطالب بالنتائج . وقال " لا يمكن حصر منظمة حشاد في مربع المطلبية البحتة والقبول بالقرارات السياسية المسقطة، ولن يكون الإتحاد اليوم شاهد زور على تونس ولن يقتصر حضوره على مجرد صورة إعلامية للتسويق داخل تونس وخارجها. وتوجه الطبوبي إلى رئيس الحكومة قائلا نحن لسنا ننازع فى صلاحياتك ولا في صلاحيات أي مؤسسة دستورية ومثلما لك حقوق عليك واجبات، بإعتبارك تترأس السلطة التنفيذية ومؤتمن على تونس وعلى دواليب الدولة مشددا على أن المسؤول المحنك والسياسي الناجج مطالب بالأرقام و مطالب بالنتائج، وأنا عندما أنظر وأتمعن اليوم فى هذه النتائج أجدها كلها سلبية . وفيما اعتبر الاتحاد هكذا مطلب من حقه بوصفه منظمة وطنية موقعة على وثيقة قرطاج التي تشكلت بناء عليها الحكومة، رأى الشاهد أن الاتحاد تجاوز دوره كقوة مدنية معنية بالدفاع عن حقوق العمال ليتدخل مباشرة في صلاحيات رئيس الحكومة. ويعتبر الشاهد أن الشأن الحكومي من صلاحياته الدستورية باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية وهو من يقرر إجراء تعديل وزاري من عدمه.