يذهب البعض من السياسيين و المحللين، الذين لا تتقاطعُ أهدافهم مع إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد و مع الانتقال الديمقراطية بصفة عامة إلى استعمال اخر بطاقة لهم حتى و ان ارتكزت على المغالطة ، عبر إيهام الرأي العام بأن مجلة الجماعات المحلية ستفتح بابا لتشتّت السلطة و تفتّتها ما قد ينعكس سلبا على علاقة الدولة بالمواطن . و ردّا على هذه الموجة التّي تمثّل بصورة جليّة "أصوات اتباع الثورة المضادة" يأتي الردّ حاسمًا من قبل رئيس لجنة القوات الحاملة للسلاح محمد بالناصر جبيرة ليؤكد "ان اللامركزية بنيت على فلسفة الممارسة الديمقراطية داخل الدولة". وأضاف جبيرة ، في تصريح للعربي الجديد ، أن هذا القانون "تجسيد للحكم المحلي ولديمقراطية القرب التي نصّ عليها دستور الثورة، في الباب السابع المتعلق بالسلطة المحلية"، مشيرا إلى أن "هذا القانون سيضع نهاية للسلطة المركزية للدولة، لفائدة السلطة المحلية المنتخبة. كما اعتبر خبير القانون ناجي البكوش، أن التخوفات التي يبديها البعض تجاه وحدة الدولة وتطبيق اللامركزية مفهومة، ولكن لا مجال لعدم تنزيل أحكام الدستور وتطبيق اللامركزية، وفي مقدمتها مبدأ التدبير الحر، مشيراً إلى أن وحدة الدولة التونسية تتصدر المبادئ الدستورية ولا خوف عليها. و كان الخبير المالي ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي،اعتبر في تصريح ادلى به يوم السبت 10 مارس 2018، أنّ المصادقة على قانون الجماعات المحلية سيزيد في تفكيك أصول الدولة المركزية. وقال الديماسي، على هامش يوم دراسي برلماني، إنّ التوجّه نحو اللامركزية سيُفتّت السلطة وإنّ النظام الانتخابي أفرز حكومات ضعيفة غير قادرة على مجابهة التحديات الاقتصادية، وذلك وفق ما نقلته عنه إذاعة "شمس.آف.آم". فيما يرى مراقبون ، أنّ إرساء القرار المحلي من قبل المجالس البلدية ، و اشراك المواطن في القرارت التي تخص جهته لا يجرّد الدولة من دورها أو من حقها في ادارة الشأن العام بقدر ما يزيح اعباء عن السلطة المركزية في تعاطيها مع مشاكل الجهات المعقدة، كما سيمكّن المواطن من صناعة القرار المحلّي و نحت ملامح التجربة الوطنيّة بنفسه . و تسعى الاحزاب السياسية الى استثمار الاستحقاق الانتخابي للتموقع في الجهات بعد تفاقم الاوضاع و تدهورها في الجهات الداخلية خاصة . و يرى مراقبون ان البلديات ، ستمكن أهالي الجهات من المشاركة في القرارات التنموية التي من شأنها تخفيض الضغط عليهم من جهة واطلاق أولى تجربة لكل جهة كي تواجه مشاكلها من خلال مجالس بلدية تستجيب لتطلعات الاهالي ، ويزداد هذا العنصر اهمية حين نعلم ان الجهات تعج بعديد الكفاءات المتخصصة في أكثر من مجال وهي كفاءات من حقها ان تشارك في ادارة الشأن المحلي لأنها أكثر دراية بطبيعة المعضلات التي تعاني منها الجهة. ويتذمر أهالي الجهات الداخلية من سطوة المركزية في تسليط القرارات على الشأن الجهوي حتى أنهم باتوا يجاهرون بأنهم أصبحوا مواطنين من درجة ثانية في دولة يفترض أن تحترم مبدأ المواطنة. ويعتبرون أن المسؤولين الحكوميين يسقطون على جهاتهم قرارات، في حين كان الأحرى بهم إشراكهم في معالجة المعضلات التنموية التي تختلف من جهة إلى أخرى. و وفق الفصل 131 من دستور 2014 ، فإن السلطة المحلية "تقوم على أساس اللامركزية"، ولتكريس ذلك لا بد من إعادة تقسيم تونس إلى اقاليم متوازنة تُنهي التقسيم الحالي الذي يُقسم البلاد إداريا إلى 24 ولاية. و يقترح مشروع قانون الجماعات المحلية تقسيم البلاد إلى 5 أقاليم لكل إقليم جهة يطل بها على البحر، ويتصرف في الجزء الأكبر من مداخيله، على أن يتم تحول جزء بسيط منها إلى السلطة المركزية في إقليم تونس.