يبدو أن المشهد السياسي التونسي، على بعد خطوات من تغييرات جذرية ستعيد تشكيل المشهد السياسي برمته، خاصة بعد انسحاب عدد من الأحزاب من وثيقة قرطاج، التي ستضعف بشكل أو بآخر الحزام السياسي الداعم للحكومة، فضلا عن توجه المنظمات و الأحزاب الى المطالبة بإدخال تعديلات على الوثيقة، وعززتها تصريحات رئيس الجمهورية التي تصبُّ في نفس الاتجاه. و يرى مراقبون ، ان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يفكّر في مبادرة للخروج من الأزمة سواء بإدخال تعديلات عن الوثيقة او بتغير الحكومة الحالية ، لحشد عدد أكبر من الداعمين ، خاصة و ان حكومة يوسف الشاهد أضحت محلّ جدل و نقد. وانطلق القفز من سفينة الموقعين عن وثيقة قرطاج مع انسحاب الحزب الجمهوري بزعامة عصام الشابي، يوم 6 نوفمبر 2017، ثم تلاه حزب آفاق تونس الذي أعلن في 16 ديسمبر انسحابه من وثيقة قرطاج،و في 18جانفي 2018 أعلنت "حركة مشروع تونس" انسحابها من اتفاق قرطاج، وسحب دعمها الحكومة، لتصبح الحزب الرابع في قائمة المنسحبين من وثيقة قرطاج، بعد انسحاب "حركة الشعب" ذات التوجه القومي. وعلاوة على انسحاب بعض الاحزاب لم يعرف ما تبقى من الموقعين على وثيقة قرطاج الانسجام المأمول، حيث يرى مراقبون ان الانسحابات المتتالية من الوثيقة لم تكن مفاجأة،لاعتبارات موضوعية، أهمّها عدم التجانس السياسيين للأحزاب الموقعة على الوثيقة والمشكّلة للحكومة فمن احداث الكامور الى بداية الحرب على الفساد مرورا بالاحتجاجات الاجتماعية ووصولا الى قانون المالية بان بالكاشف تباين المواقف وعدم الانسجام بين داعمي الحكومة ، إضافة إلى التصدّع في الحزام السياسي بشأن حكومة الوحدة الوطنية، تزامنا مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية البلدية (ماي2018)، وأيضا التشريعية والرئاسية (2019)، ناهيك عن تشكل مشهد سياسي وحزبي وتحالفات جديدة، مغايرة لما كانت عليه إبان ميلاد وثيقة قرطاج وخيار الوحدة الوطنية. و ذكرت مصادر مطلعة "للشاهد" أنّ اللجنة ستتولى إعادة صياغة نقاط وثيقة قرطاج، وتغيير عديد النقاط الواردة فيها، مع إضافة نقاط يتم الاتفاق حولها، ولم تستبعد مصادرنا إمكانية إجراء تغيير وزاري حسب الاتفاق ، على أن يتم لاحقا وضع خارطة طريق شاملة تلتزم بها حكومة يوسف الشاهد، أو الحكومة التي ستعوضها، واتفق المشاركون في عمل اللجنة على الحفاظ على سرية عملها. و يرى ملاحظون أنّ رئاسة الجمهورية استشعرت خطر الصراع السياسي الذي بات ينخر الحزام السياسي للحكومة ويعصف بوثيقة قرطاج ، فبادرت بإطلاق الدعوة لانقاذ ما تبقى من الوثيقة و صيانتها بما يستجيبُ مع أولويات المرحلة . و انقسمت "لجنة قرطاج" الى لجنتين فرعيتين، الأولى ستهتم بالمسائل السياسية، والثانية ستتولى تقديم المقترحات الاقتصادية وستضم مختصين في الشأن الاقتصادي. و اتفق الموقعون على وثيقة قرطاج على أن يمثل كل حزب أو منظمة عضوين في اللجنة، على أن يتم تقديم هذه المقترحات للتشاور حولها في اجتماع لاحق مع رئيس الجمهورية ورؤساء الاحزاب والمنظمات المعنية. وتضم لجنة صياغة اولويات وثيقة قرطاج ممثلين عن الاحزاب والمنظمات الوطنية المنضوية في لواء الاتفاق وهم كل من سليم الفرياني ومحسن حسن من نداء تونس ونور الدين العرباوي وسليم بسباس من حركة النهضة ويسرى الميلي ونبيل السعفي من حزب الاتحاد الوطني الحر و نذير الرباعي ومحمد بن سعد من حزب المبادرة ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول وكل من سمير الشفي ونبيل بن قدور من الاتحاد العام التونسي للشغل وقريش بلغيث و معز بن زغدانة من اتحاد الفلاحة وعائشة بن عبد الله وناهد السنوسي.