بعد أن كان عددها 9 أحزاب فقط قبل ثورة جانفي 2011، يبلغ عدد الأحزاب المرخصة في تونس 210 حزب سنة 2018، و لئن ساهمت طفرة الأحزاب في خلق ديناميكية في الساحة التونسية إلاّ أن القدرة الجيدة على هيكلة تلك الأحزاب هي الأهم ، خاصة و أن أحزابا كثيرة تشكلت ظاهريا و بقيت تعاني من فراغ على مستوى البرامج و الأهداف ضمنيا . و تعدّ التعددية الحزبية في سائر البلدان الديمقراطية مؤشر على الوعي والنضج السياسي، أما في تونس فقد إختلف الأمر ليصبح التعدد ظاهرة أمام الإرتفاع الغير المسبوق للأحزاب و التي تتشكل بين ليلة و ضحاها ، على خلفية إختلاف تحول بفعل المواقف المتضاربة إلى خلاف . و رغم طفرة الأحزاب ، فان اغلبها يقع تحت سطوة الرتابة و تكرار الخطاب السياسي الهزيل ، حيث تروج الأحزاب منذ خمس سنوات لنفس الخطاب وتقدم ذات الوعود المتعلقة بالتشغيل والتنمية ولا تفي بها في النهاية. وعجزت الأحزاب التونسية عن تقديم حلول للمشاكل التي تمر بها البلاد وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية التي انعكست على الوضع الاجتماعي، واقتصرت أدوارها على الصراع في ما بينها. و تتجهُ الحكومة التونسية ممثلة في وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية و المجتمع المدني نحو تنظيم الاطار التشريعي المنظم للأحزاب التونسية ، عبر سن قوانين تنظيمية و عقوبات على الاحزاب التي لم تحترم الآجال القانونية لعقد مؤتمراتها ، عقوبات قد تصل حدّ حل الاحزاب المذكورة . و أعدّت وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان أحكاما جديدة تتعلق بعقد الاحزاب لمؤتمراتها والخطايا المترتبة عن الاخلال بهذا الاجراء وفق اجال ضبطها مشروع القانون . وأوجب مشروع هذا القانون الذي تضمن 69 فصلا ، الحزب السياسي المكون قانونا عقد مؤتمره الانتخابي الأول في غضون سنة من تاريخ نشر إعلان تأسيسه بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الفصل 20 ) على أن يتولى الحزب نشر نتائج مؤتمره الانتخابي على المنصة الالكترونية التي سيتم إحداثها للتصرف في ملفات الأحزاب في أجل لا يتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ عقد المؤتمر. وفي صورة عدم عقد المؤتمر أو عقده دون الوصول إلى نتائج، يتعين على الحزب المعني، وفق أحكام مشروع القانون الجديد، عقد هذا المؤتمر والتوصل إلى انتخاب هياكله في غضون الستة أشهر الموالية لانقضاء أجل السنة، على أن يقوم الحزب بنشر نتائج مؤتمره وفقا للإجراءات والآجال المذكورة. وفي صورة استحالة ذلك تحيل وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان على المحكمة الابتدائية بتونس طلبا للتصريح بحل الحزب المعني بمقتضى حكم. يشار إلى ان مشروع هذا القانون الأساسي سيعوض، بعد مناقشته على مستوى الحكومة وأمام مجلس نواب الشعب، أحكام المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية. وكانت وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان قد نظمت خلال الأشهر الأخير سلسلة من اللقاءات الاستشارية حول مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية وتمويلها الذي يمكن الاطلاع على مسودته عبر موقع "بوابة المشاركة العمومية". وعاش المشهد السياسي التونسي منذ 2011 حالة من الارباك والاسهال والاقدام على النشاط السياسي أغلب الفاعلين فيه كونوا أحزابا لأجل الاحزاب دون برامج واضحة حيث ارتفع عددها بين 2011 و2012 الى 160 حزبا، ثم الى سنة 2014 بلغ 200 حزب ليصل سنة 2016 عدد الأحزاب 205 ليصل في 2017 الى 210 حزبا قابلة للارتفاع. هذه التخمة الحزبية ان صح التعبير تعكس ضبابية في المشهد السياسي والحزبي خاصة وأن الأحزاب الفاعلة في المشهد لا يتجاوز عددها 15 حزبا، و30 حزبا فقط قدمت تقاريرها المالية في السنة الماضية من جملة 210 أحزاب في تونس وفق ما أفاد به وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني مهدي بن غربية. وأوضح بن غربية، في تصريح إعلامي على هامش مشاركته في ورشة عمل حول تمويل وحوكمة الأحزاب السياسية، أنه تمت مراسلة كافة الأحزاب السياسية في بداية سنة 2017 ، ومطالبتها بتقديم تقاريرها المالية غير أن عددا قليلا منها استجاب للطلب، لا سيما منها الأحزاب المكونة حديثا، مضيفا أن كافة التقارير المالية التي تم تقديمها غير مكتملة، كما أنه لا وجود لحزب إلتزم بكافة الإجراءات القانونية.