يشتدّ الصّدام بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل حول ملف المفاوضات الاجتماعية الذي ما انفكّ يتعقّد ، في ظلّ فشل الجلسات المنعقدة من أجل فضّها والوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف. ولعلّ اختلاف وتخالف الطرفين الحكومي والنقابي حول الملف ، كشفته المركزية النقابية في بيان لها نشرته عقب اخر جلسة للتفاوض ، من خلال تأكيدها أن الحكومة غير جادة في التعاطي مع المفاوضات الاجتماعية حول الزيادات العامة في الوظيفة العمومية والقطاع العام التي انطلقت في 27 من افريل الماضي. و دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الحكومة إلى الاسراع في امضاء البلاغ المشترك حفاظا على سلامة المناخ الاجتماعي وتفاديا لكل التوترات وفق ماجاء في ذات البلاغ، متهما الحكومة باتباع سياسة المماطلة وربح الوقت محملا اياها مسؤولية تدهور المقدرة الشرائية. كما دعا في نفس السياق العمال والهياكل النقابية إلى الاستعداد للدفاع عن حقوقهم بكل الوسائل التي ستحددها مؤسسات الاتحاد في صورة عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها ، محمّلا الحكومة مسؤولية التدهور الفظيع للمقدرة الشرائية للعمّال بالفكر والساعد ولعموم الشعب نتيجة سياساتها الخاطئة وعجزها عن مجابهة التهريب والاحتكار، وهو ما يحتم الإسراع بإنهاء المفاوضات حول الزيادات وتحديد آجال صرفها. وكانت جلسة التفاوض بين وفد الحكومة ووفد اتحاد الشغل سرعان ما انفضت بعد ان اختلف الوفدان على تفصيل، يتمثل في طلب اتحاد الشغل تصحيح ما اعتبروه «خطأ» في نص الاتفاق المبرم بينه وبين الحكومة، والخطأ يتمثل في عدم التنصيص على ان المفاوضات تشمل سنة 2017. ويسعى اتحاد الشغل الى تعديل نص الاتفاق، الذي وصفه من قبل بان مشروع اتفاق او مسودة أولية، بهدف توفير مساحة للتعديل، يواجهه تمسك وفد الحكومة، الرافض لتعديل هذه النقطة ويعتبر انه سبق ووقع الاتفاق بشأنها. و أمام التزام الحكومة أمام صندوق النقد الدولي الذي فرض عليها شروطا معينة مقابل إدانتها القرض، فهي تجد نفسها مضطرة الى "عدم منح زيادات جديدة في الأجور إلا اذ حقق النمو ارتفاعا غير متوقع"، ما يضع الحكومة أمام ضرورة مسايرة اتحاد الشغل بقدر ما ستحاول ان تدفع به الى القبول بما تعرضه عليه من نسبة، ستكون على الارجح في حدود قد لا يعارض صندوق النقد الدولي عليها.