يعيش الشارع السياسي على وقع تصّدع داخل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عقب التصدع الذي عرفه الموقعون على وثيقة قرطاج و الذي أفضى إلى تعليق العمل بالوثيقة الثانية التي لم تخرج للنور بعد لاختلافٍ على أحد بنودها المتعلقة ببقاء الحكومة من عدمه. و غير بعيد عن اختلاف " القرطاجيّين" ، عرفت هيئة الانتخابات اشكالا في بيتها الداخلي حيث أعفى مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، الثلاثاء، رئيس الهيئة، محمد التليلي المنصري، من مهامه. وسيصبح القرار نافذا بعد مصادقة نواب الشعب عليه، الأمر الذي يُصعّد النقاش حول ما إذا كانت هذه الإقالة ستؤثر على المسار الديمقراطي، خاصة أن تونس تستعد لتنظيم انتخابات تشريعية في سنة 2019. و يرى مراقبون أن ما يحدث داخل الهيئة ستكون له تبعات قانونية وسياسية خطيرة قد تؤثر سلبا على سلامة المسار الانتخابي لرئاسية وتشريعية 2019 باعتبار الحجم الهائل للمطبات والصعوبات القانونية والتقنية واللوجيستية في صورة تواصل الخلافات بين أعضاء الهيئة. و أعرب عضو المجلس المركزي للجبهة الشعبية محسن النابتي عن تفاجئه من إعفاء رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري من مهامه بطلب من أعضاء مجلس الهيئة. و قال محسن النابتي في تصريح لالشاهد ، " ما حدث هو أزمة مضافة بعد تعليق العمل بوثيقة قرطاج 2 و هذا ما يؤكد وجود جهة من مصلحتها تعميق المشاكل في البلاد." و أضاف محسن النابتي " هيئة الانتخابات باتت محلّ ريبة و نخشى ان يُعاد سيناريو شفيق صرصار مع محمد التليلي المنصري خاصة و ان البرلمان لم يتمكن من تعويض صرصار إلا بشقّ الانفس و إعادة هذا السيناريو سيؤثر على مسار انتخابات 2019 ." و تساءل القيادي عن الجبهة الشعبية عن أسباب اختيار هذا التوقيت بالذات لطلب اعفاء المنصري خاصة و انه لم يعد يفصلنا عن النتائج النهائية للانتخابات البلدية سوى القليل (13 جوان). من جانبه استغرب رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات محمد التليلي المنصري، قرار مجلس الهيئة القاضي بإعفائه ، قائلا " يتحدثون عن خطئ فادح.. ربما خطئي الفادح وفق منطقهم هو نجاح الانتخابات البلدية ..كما انهم تحدثوا عن قرارات لم أنفذها ، مع العلم انني لم انفذ قرارين او ثلاث لانها مخالفة للقانون. و بيّن المنصري في تصريح" للشاهد " أنّ ممارسات بعض أعضاء الهيئة انطلقت إثر ترؤسه الهيئة، لكنّه خيّر الصمت ورفض مواجهتهم للمحافظة على المسار الإنتخابي وإنجاحه،مذكّرا بخروج عضو الهيئة المستقلة للانتخابات أنور بن حسن بعد يوم من الاعلان النتائج الاولية للبلديات ليهاجم شخصه . و كان أنور بن حسن، صرّح يوم 10 ماي 2018 ،بأن أداء الإدارة التنفيذية للهيئة خلال الانتخابات البلدية كان ضعيفا وباهتا مؤكدا أنه كانت هناك فجوة بين الإدارة المركزية والإدارات الفرعية. و أوضح المنصري ، ان بعض أعضاء الهيئة اغتنموا صمته ليتخذوا قرارهم باكثر عدد من الأصوات، قبل خروج البعض منهم عبر التجديد و طالب المنصري مجلس النواب بالاسراع في تجديد الأعضاء. و أكد رئيس هيئة الانتخابات محمد المنصري ، ان هاجس بعضهم هو رئاسة الهيئة رغم انهم لا يقومون بدورهم داخلها ، قائلا " هناك من تعمّد تعطيل الهيئة في الانتخابات البلدية ناهيك انهم تغيبوا عن أكثر من 15 جلسة و لا يتقابلون سوى لطلب الاعفاء أو للسفر للخارج". يُذكر أنّ مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنعقد يوم الاثنين 28 ماي2018، قرّر المصادقة على لائحة إعفاء رئيسها محمد التليلي المنصري من منصبه باعتماد الفصل 15 من القانون المحدث للهيئة، وذلك في انتظار عرض اللائحة على مجلس نواب الشعب للمصادقة عليها بالأغلبية المطلقة.