في ظلّ متغيّرات المشهد السياسي المتقلب الذي تعيش على وقعه البلاد، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ ضبابيةٌ نوعًا ما، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام التأويلات والفرضيات حول الأحداث التي من المتوقع أن تشهدها الساحة السياسية. و لعلّ الحديث عن وضع الحزب الحاكم وما بات يطوّقه من عدم استقرار و فوران صلب بيته الدّاخلي، أضحى من أبرز المواضيع التي تتصدر الواجهة، سيّما وأن ماشهده الحزب من ارتجاج ألقى بظلاله على الوضع العام للبلاد، و تحول من شأن حزبي داخلي إلى شأن وطني. وبالرغم من كونه لم يتمكن بعد من لملمة شتاته وإصلاح وضعه الداخلي، بات النّداء خلال الأيام الأخيرة يكثف من مشاوراته مع الأحزاب الأخرى بهدف تكوين ائتلاف وطني واسع للإنقاذ، على قاعدة أنّ الوضع في تونس لم يعد يحتمل الصمت وعدم التحرّك. و تسعى حركة نداءء تونس إلى تكوين 3 لجان تهدف إحداها إلى تقييم أداء وزرائه في الحكومة، وتنسيق العمل الحكومي، إلى جانب التحضير للمؤتمرات القاعدية والجهوية المقبلة للحزب، والتمهيد للمؤتمر الانتخابي الثاني الذي يجري الاستعداد له. و يتهيأ النداء لعقد مؤتمر يقع من خلاله بلورة هياكله و تصوراته للفترة القادمة . وفي هذا الصدد، كشف النائب عن كتلة نداء تونس إسماعيل بن محمود أنه تم تعيين زميله بشير بن عمر منسقا للجنة التي قال إنها ستبلور تصورات لمؤتمر حركة نداء تونس ممضيفا انه تم أيضا اختيار النائب لطفي النابلي مساعدا ولمياء مليح مقررا اللجنة. وأكد بن اسماعيل أن اللجنة تضم 12 نائبا وأنها ستنفتح لاحقا على بقية هياكل الحزب. وابرز أن اللجنة ستحاول في ظرف شهر على أقصى تقدير تحضير تقرير لأشغالها وتقديمه إلى الحزب على أن يتم المرور إثر ذلك إلى تشكيل لجنة موسعة تضم قيادات من المكتبين السياسي والتنفيذي. وكان عدد من نواب كتلة نداء تونس قد كشفوا في اجتماع عقد الثلاثاء 5 جوان 2018، تشكيل لجنة مؤقتة عُهدت اليها مهام إعداد تصور حول مؤتمر الحزب. وأكد النائب محمد الناصر جبيرة أن اللجنة ستضم في الوقت الراهن نوابا من الحزب على ان يتم الإنفتاح على بقية هياكل الحركة لاحقا. وأبرز أن اللجنة ستحيل أعمالها إلى المكتب التنفيذي للحزب وانها مع ألا يتجاوز تاريخ انجاز المؤتمر نهاية السنة. وتضم اللجنة رئيس الكتلة سفيان طوبال ومنجي الحرباوي ومحمد الناصر جبيرة وسماح بوحوال وفاطمة المسدي ومحمد الراشدي واسماعيل بن محمود ووفاء مخلوف وانس الحطاب. من جانب آخر، يعمل النداء على تكوين جبهة إنقاذ، وقال المتحدث باسم الحزب منجي الحرباوي، إنّ "الحزب بدأ في تنسيق المشاورات مع عدد من الأحزاب والشخصيات الوطنية من أجل تكوين ائتلاف وطني واسع للإنقاذ"، مبيناً أنّ "الوضع على المستوى الاجتماعي متأزم، لناحية غلاء المعيشة والأسعار التي قفزت إلى مستوى غير مسبوق، خصوصاً في ما يتعلّق بأسعار المواد الأساسية". وأشار الحرباوي إلى أنّ "المؤشرات الاقتصادية الحالية خطيرة، في ظلّ تراجع مخزون العملة الصعبة والارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات وازدياد نسبة التضخّم التي سجّلت رقماً قياسياً منذ 2010". وقال الحرباوي إن "الوضع الدقيق الذي تعيشه تونس لم تقابله تحرّكات من قبل الحكومة لحلحلة الأزمة، خصوصاً إثر توقّف العمل بوثيقة قرطاج 2″، مشيراً إلى وجود "مسائل مقلقة تتعلّق بالتعيينات الأخيرة والتي يعتبرها الحزب محاولات للسيطرة على مفاصل الدولة". ولفت إلى أنّ "التعيينات التي يكشفها الرائد الرسمي تبيّن أنّ الحكومة غير منشغلة بالوضع الصعب في البلاد، بقدر انشغالها بترضية طرف سياسي متمثّل بحركة النهضة، مقابل البحث عن الدعم والمساندة، الأمر الذي حتّم على نداء تونس إيقاف هذا النزيف وإنقاذ البلاد من الانهيار الوشيك". ولفت الحرباوي إلى أنّ "نداء تونس"، "دخل في مشاورات مع أحزاب وطنية لتشكيل ائتلاف وطني للإنقاذ، بعيداً عن الكراسي ومراكز القرار والحكم"، لافتاً إلى أنّ "جبهة واسعة للإنقاذ أصبحت أكثر من واجب وطني وأكثر من ضرورة".