الشاهد / مقال رأي الذين تعودوا على الترويج للخيار و نقيضه وعلى إتّباع تقنية التسخين و التبريد يستعدّون فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ ثورة شعبنا إلى تفعيل هوايتهم من جديد فبعد أن كانوا إلى عهد قريب يروجون إلى ثقافة المؤاخاة بين الضحية و الجلاّد حتى قال قائل منهم { التجمعيون إخوان لنا و الدساترة كذلك لأننا كلنا توانسة / من أقوال صاحب نظرية الدومينو السيد لطفى زيتون } و بعد أن كانوا يصفون أنصار الخط الثورى المتحرر من العصبية الحزبية و من ثقافة المغانم بالخط الثورجى و المتهور و المغامر الذى لا يقدّر المصلحة الوطنية و بعد أن جرّدوا الثورة من كل مظاهر الهيبة لصالح هيبة دولة لم يقدروا لا على تطهيرها و لا على تسكين الثورة فى مؤسساتها وبعد أن قنّنوا وشرعنوا تنظم الذراع الحزبية للثورة المضادة { نداء تونس } و سمحوا لهذا الفريق الإستئصالى بالعمل القانونى للإجهاز على إستحقاقات الثورة وبعد أن يوفروا الغطاء القانونى و الحماية الأمنية لنشاطاته التخريبية بذريعة حياد الإدارة و الدولة وهو الشعار الذى أصبح محل منافسة أعضاء الفريق الحكومى للفوز بلقب رجل دولة . و بعد أن تعب هذا الفريق من ممارسة رياضة الجمباز السياسى حيث القفز بين حبال أكثر من خيار وبعد ّوقوف الزنقة للهارب ” هاهم الآن ينتشرون فى بلاتوات التلفزات بأزياء الثوار و يستعيرون ألسنة الثوار لتسخين ساحة طالما ساهموا فى ضرب و تعطيل محركاتها التى قدّروا أنّ أصواتها إذا إنطلقت يمكن أن تفسد عليهم كرنفال التوافق المغشوش مع أعداء الله و الوطن و الثورة و ها هم الآن يستغيثون بشباب الثورة الذى طالما همشوه و طالما إستبعدوه و طالما تعالوا عليه و اصفين أذرعه الإعلامية الفيسبوكية بالمليشيات { يرجى مراجعة تصريحات سمير ديلو } لم أتعجب من هذا الصنيع و لم أستغرب من هذه الطفرة الثورية المفاجئة لأنّ تاريخ القوم حافل بمثل هذه المشاهد ولكن ما أعجب إليه يتمثل فى قدرة هذا الجناح على عدم التعلم من أخطاء الماضى القريب و ما أستهجنه من هذا العقل المزاجى و الإنفعالى هو إصراره على إعتبار السياسة فن لممارسة طقوس مكيافيلية تحت ذريعة إكراهات الحكم و سنن التدرج وهى كلمات حق تحولت بحكم فساد التنزيل إلى معوقات للثورة و مخارج آمنه لأعدائها الذين إستفادوا من هذا العقل البراغماتى لإعادة الإنتشار فى الدولة و المجتمع و محاصرة الثورة و تطويق الثوار بل و تهديدهم و النيل من تضحيات الشهداء الذى وصل إلى حد التجاهر بموالاة جزب الطاغية فى مؤسسة طالب بها شباب القصبة ألا وهى المجلس الوطنى التأسيسى ليس عيبا أن تراجع الحكومة خياراتها و ليس عيبا أن تراجع الأحزاب مناهجها و أدبياتها على قاعدة الإحتفاظ و التجاوز فكل ذلك جهد مقدر يحسب لأصحابه و لا ينتقص من أدائهم و لكن العيب كل العيب فى المرور من خيار إلى ضده بدون مقدمات و بدون تقديم نقدا ذاتيا لمسار التسوية السياسية مع أعداء الثورة وهو المسار الذى ساهم فى إستضعافها و تجرئة رموز الجريمة النوفمبرية سواءا تعلق الأمر بالمركزية النقابية أو بالأذرع الحزبية لليسار الإستئصالى على الثورة و الشرعية على حد السواء . للثورة شعب يحميها و شباب متحفز لتأديب أعدائها برهن فى العديد من المحطات على جاهزية نضالية مبدئية متحررة من آلات الحساب و جداول الضرب و الطرح و القسمة و هو مستعد فى كل لحظة للدفاع عن أهدافها ضد السماسرة و اللصوص وضد تغول منطق الدولة على حساب منطق الثورة المغدورة أما أولائك الذين يتعاملون مع أهداف الثورة كورقات ضغط لتحسين شروط التفاوض مع أعدائها فما عليهم إلاّ أن يتطهروا من هذه الخطيئة لأنّ الثورة ثمرة طيبة لا تقبل إلا طيبا . مع تحيات أخيكم رافع