يحتل موضوع العطل المرضية للمدرسين و المدرسات في القطاع التربوي أعلى سلّم الاولويات في تونس ، نظرا للأرقام المفزعة التي يكشفها هذا الملف. و عجزت الحكومات و السياسات التي مرت على تونس من التقليص من نسبة هذه العطل المرضية “الطوفانية” ، فكما تحركت الوزارة إلاّ و انهالت عليها النقابات من كل جهة لتعود من جديد إلى نقطة الصفر. ووفقا لإحصائيات وزارة التربية بلغت كلفة إجمالي الغياب لجميع الأسباب (مرض عادي وطويل الأمد وأسباب أخرى) 123,963 م.د ، كما بلغ إجمالي أيام العمل المهدورة بسبب الغياب بجميع أسبابه 1885272 يوم عمل خلال السنة الدراسية 2017/2018. وكشف وزير التربية حاتم بن سالم خلال الشهر الماضي أنّ أكثر من خمسة آلاف موظف في الوزارة يتمتعون بإجازات طويلة الأمد، مؤكدًا أنّ الوزارة ستشدّد الرقابة أكثر ولن تمضي على أي رخصة مرضية تحوم حولها شبهات. وأشار بن سالم إلى أنّ الإجازات المرضية طويلة الأمد كلّفت ميزانية الدولة حوالي 47 مليون دينار، فيما بلغ عدد الأيام المهدورة بسبب رخص المرض طويلة الأمد أكثر من 700 ألف يوم عمل. و بتاريخ 5 أكتوبر أصدرت وزارة التربية منشورا يتعلّق بالعطل المرضية، تمّ توجيهه إلى كلّ المدرسين حول تسوية العطل المرضية وفرض إجراءات جديدة تتمثل بالأساس في وجوب إرفاق مطلب عطلة المرض والشهادات الطبية بنسخة من الوصفات الطبية تامة الدفع، لضمان حسن سير المنظومة التربوية والارتقاء بأدائها، وفق المنشور، وذلك لتكثيف الرقابة الإدارية والطبية التي تمارسها الإدارة على طالبي رخص المرض، وإجراء مراقبة آلية بالنسبة إلى العطل التي تساوي أو تفوق مدّتها الخمسة أيام. و فيما تعكف وزارة التربية على فرض اجراءات جديدة لتأطير هذه العطل المكثفة و التقليص منها ، لقي هذا التوجه رفضا من قبل الهياكل النقابية على غرار الجامعة العامة للتعليم الثانوي التي رفعت قضية ضد وزارة التربية . و تُعلّل النقابة رفضها بتحامل الوزير على المربين ليواري فشل وزارته و ثانيا تعتبر ان النقابة ان منشور الوزارة يمثل تشكيكا في صدق الأطباء و التزاماتهم المهنية وفي نفس الوقت يكشف معطيات شخصية تتعلّق بالمدرسين، وهذا مخالف للقانون وتحديدا للفصل 41 من القانون عدد 112 للوظيفة العمومية. و كان وزير التربية أعلن في تصريح إعلامي في ماي2018 عن اعتزام وزارة التربية نشر قائمة سوداء في الأطباء المورطين في إسناد شهادات مرضية لغير مستحقيها، لاسيما وأن عدد الشهادات الطبية قد بلغ وفق الوزير حوالي 6 آلاف شهادة، أسندت 90 في المائة منها لأسباب نفسية. وأكد حاتم بن سالم أنّ ذلك يكلّف أموالًا مهدورة تصرف مقابل عدم تقديم أي نشاط مهني.