قال رئيس الجمهوريّة الباجي قايد السبسي في كلمته التي ألقاها في افتتاح معرض بمتحف باردو بخصوص الثورة التونسية، تعليقا على اعتزام رئيس الحكومة يوسف الشاهد إحداث حزب جديد “أن هذا الحزب سيكون تأخيرا في التمشي الديمقراطي”. ونستخلص من هذه الإجابة أن رئيس الجمهوريّة رافض لتأسيس هذا الحزب وخوض الحكومة في مثل هذه التجارب كما أنه متخوّف على المسار الديمقراطي للبلاد التونسيّة من مثل هذه التحرّكات. وأكّد أستاذ القانون الدستوري والمحلّل السياسي جوهر بن مبارك أن المقصود من تعليق رئيس الجمهوريّة على اعتزام رئيس الحكومة تأسيس حزب جديد، هو أن رئيس الحكومة مكلف بإدارة شأن الحكومة والبلاد التي تعيش أزمة، وبانشغاله بالإعداد لحزب سياسي فإنه يستعمل أدوات الدولة وموقعه كرئيس حكومة. وأضاف بن مبارك في تصريح ل”الشاهد” أن رئيس الجمهورية تحدّث عن حزب الحكومة وكأن الحكومة تستعمل موقعها في السلطة من أجل إنشاء هذا الحزب معتبرا أن ذلك فيه جوانب من الصحة بما أن الحكومة حكومة كل التونسيين ولا يمكن استغلال الموقع الحكومي وأدوات السلطة ومؤسسات الدولة لتدعيم مشروع سياسي على حساب مشاريع أخرى. واعتبر المحلّل السياسي أن رئيس الجمهورية وكأنه تقدّم بنقد لتمشي رئيس الحكومة يوسف الشاهد، مضيفا أن الوصول بالقول أن تأسيس رئيس الحكومة لحزب يعدّ تأخرا في المسار الديمقراطي كلام مبالغ فيه باعتبار أن الحكومة ورئيسها هم من السياسيين والدستور والنظام السياسي في تونس وكذلك الأنظمة البرلمانية بصورة عامة تقوم على وجود رئيس حكومة زعيم لحزب سياسي وانخراط الحكومة ورئيس الحكومة في العمل السياسي والعمل الحزبي مطلوب وليس مرفوض ولا يوجد أي إشكال من الناحية القانونية والدستورية في أن يؤسس أو يتزعّم رئيس الحكومة لمشروع سياسي. وأكد أستاذ القانون الدستوري أن هذا المانع أو العائق يتعلّق برئيس الجمهورية وليس برئيس الحكومة لأنه دستوريا محمول على رئيس الجمهوريّة الحياد والنأي برئاسة الجمهورية عن الصراعات الحزبية وتم التنصيص على ذلك صراحة في الدستور قائلا “ما يصح على رئيس الجمهورية لا يصحّ بالضرورة على رئيس الحكومة”. كما اعتبر جوهر بن مبارك أن الصيغة التي كان من الأفضل أن يستعملها رئيس الجمهورية ليست في توجيه نقد لرئيس الحكومة في تمشيه لتأسيس حزب سياسي ولكن في استعمال رئيس الحكومة أو الحكومة لأدوات الدولة ومؤسسات الدولة لدعم هذا المشروع قائلا “الموقف فيه جانب من الصحة ولكن فيه جانب من المبالغة”. ومن جانبه أكد رئيس كتلة الإئتلاف الوطني مصطفى بن احمد أن رأي رئيس الدولة محترم ولا يمكن التفاعل معه إلا إيجابيّا. وأضاف في تصريح للشاهد أن توصيف “حزب الحكومة أو حزب الشاهد” خاطئ وغير دقيق لأن الحزب الجديد يتم تأسيسه من قبل فعاليات ندائية وأفاقيه وسياسيّة بصدد تصحيح مسارها وليس حزب منطلق من الحكومة. واعتبر النائب أن رئيس الدولة له الحق في مثل هكذا تعليق إذا كان رئيس الحكومة أو الحكومة بصدد تأسيس الحزب فعلا، مضيفا أن ما راج حول تزعّم يوسف الشاهد لهذا المشروع السياسي غير مؤكّد. كما أكد مصطفى بن أحمد أنه تم عقد 12 لقاء استشاريا في كامل أنحاء الجمهوريّة. وليس في القصبة والقرار سيتم اتخاذه من قبل القواعد يوم 27 جانفي الجاري في المنستير. وذكّر بن أحمد أن رئيس الحكومة شخصية حزبية في الأصل ومنخرط في هذه الحركيّة بصفته الحزبية وليس الحكوميّة. وللتذكير فإن نوابا من كتلة الإئتلاف الوطني كانوا قد أعلنوا منذ شهر سبتمبر 2018 عن اعتزامهم تأسيس حزب للكتلة والمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، كما تم التأكيد في أكثر من مناسبة أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد سيتزعّم الحزب المذكور. ويبقى التأخر عن الإعلان عن هذا الحزب مصدر تساؤل وحيرة من قبل المتابعين للشأن السياسي بالبلاد