قرّر البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية بمائة نقطة قاعديّة لترتفع بذلك من 6.75% الى 7.7%، وقد اعتبر محافظ البنك المركزي أن هذا الإجراء الذي تم اتخاذه اجراء استباقي لتفادي مخاطر ارتفاع نسبة التضخّم التي من شأنها أن تزيد الضغط على العجز الجاري الذي بلغ حاليا 11.2 % وترفّع في الأسعار المحليّة وارتفاع السلع في السوق العالميّة. اجراء ارتأى فيه البنك المركزي أنه الحل الأمثل لمجابهة التضخّم وحماية المقدرة الشرائية للمواطن التونسي خاصّة وأن الترفيع ب 1% لن يكون له أثر ملموس في استقرار القطاع البنكي والمالي، ورغم توضيحات مروان العباسي وتبريراته لاتخاذ هذه الخطوة إلا أن هذا الإجراء أثار جدلا واسعا وقوبل بالرفض. اعتبر الخبير الاقتصادي محمد الصادق جبنون أن الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بنسبة 100 نقطة اجراء مباغت وتجاوز المتوقّع في السوق “الترفيع ب 25 نقطة”، مذكرا بأن البنك المركزي أصدر بيانا منذ حوالي شهرين افاد من خلاله بان الاوضاع مستقرة ولا تستدعي للترفيع في نسبة الفائدة المديرية ومن ثم تم اقرار هذا الاجراء الشيء الذي يدلّ على أن الترفيع في الفائدة المديرية تمت بضغط من صندوق النقد الدولي الذي لم يرضى تمام الرضا عن الزيادة في الاجور الاخيرة. وأضاف جبنون في تصريح لموقع الشاهد أن اجراء الزيادة للتوقي من الضغوط التضخمية، والتي يمكن أن تتجاوز ال 8 بالمئة، مقاربة تقليدية يعني استعمال السلاح النقدي في حين أن التضخم في تونس ليس تقليديا ويأتي أساسا من العجز التجاري الذي انفلت لاكثر من 19 مليار دينار ومن العجز في ميزان الدفوعات الذي تجاوز 11.2 بالمئة “رقم غير مسبوق في تاريخ تونس الحديث”. وأشار الخبير الاقتصادي الى أن الاشكالية تتلخص في أن البنك المركزي يستعمل في سلاح تقليدي لمشكلة غير تقليدية لان التضخم في تونس يعود الى العجز التجاري والانخرام الموجود على صعيد آلة الانتاج والاشكاليات الموجوة على مستوى سوق التوزيع والاحتكار خاصّة وأن الغلاء في أغلب الحالات غير مبرر الا بالترفيع المشط في هوامش الربح. كما اعتبر المتحدّث أن موقف المنظمة الشغيلة يعبر عن واقع الشارع التونسيين باعتبار أن اغلب التونسيين مدانين ونسبة الادخار الوطني هي اقل من 10 بالمئة اضافة الى أن المواطن التونسي لديه أضعف نسبة أجور في حوض البحر الابيض المتوسط وعلى صعيد القارة الافريقية “354 دولار” وبالتالي الترفيع في اقساط القروض ب 15.5 بالمائة كان سيضر كثيرا بالمقدرة الشرائية وينهي اي مفعول ايجابي للزيادة الاخيرة في الاجور. كما أفاد جبنون بان الاعلان عن تفعيل الفصل 75 من قانون المالية الذي يحد من الترفيع في قروض السكن المكتتبة قبل سنة 2019 خطوة ايجايبة في انتظار تسقيف نسبة الفائدة لقروض البناء والمؤسسات الصغرى والمتوسطة التي سوف تعاني كثيرا من هذا الترفيع وبالتالي سيؤثر ذلك على التشغيل، كما أشار الى أن الدولة ليست مستثناة من التداعيات السلبية لان ذلك سيرفع من كلفة التداين بالنسبة للخزينة العامة لاكثر من 11 بالمئة وبالتالي سيدفع بعجز المزانية الى الارتفاع فوق الهدف المحدد في قانون المالية ب 3.9 بالمئة معتبرا أنه علاج تقليدي يؤزم الوضع اكثر مما يعالجه على الصعيد الهيكلي. وللتذكير فقد عبّر الاتحاد العام التونسي للشغل أن هذا الترفيع من شأنه أن يعمّق التهديدات المحيطة بالمقدرة الشرائية للتونسي والتفاف على الزيادة في الأجور التي قدمتها الحكومة كما اقترح استثناء القروض الصغرى وقروض السكن الاجتماعي والبناء من الزيادة في اسعار الفائدة ومن كلفة القروض. ومن جانبه عبّر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعة التقليدية عن تفاجئه بقرار البنك المركزي خاصّة وأنها الزيادة الثالثة في أقل من سنة ونصف معتبرا أن هذا الإجراء لا يمثل حلا للمشاكل التي يتخبط فيها الاقتصاد الوطني وأنه بمثابة المواصلة لسياسة الهروب إلى الأمام عوض البحث عن حلول جدية لهذه المشاكل ومنها بالخصوص العمل على وقف انهيار قيمة الدينار، والتحكم في نسبة التضخم الذي تضررت منه المؤسسة الاقتصادية، فضلا عن وجوب التصدي لتفشي التجارة الموازية والتهريب. كما اعتبر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أن هذا الإجراء لا يراعي الأوضاع الصعبة التي تعيشها اغلب القطاعات الاقتصادية وخاصّة منها قطاع الفلاحة والصيد البحري كما نبه الاتحاد من من الانعكاسات السلبية لهذا القرار على نسق الاستثمار في قطاع الفلاحة خاصّة وأنه من شأنه أن يرفّع في كلفة القرض الفلاحي.