مازال موضوع مشروع قانون المساواة في المراث يثير الكثير من الجدل في تونس، وحتى خارجها، لا سيما وأنّه سيكون سابقة في الدول العربية والإسلامية التي تعتمد على الشريعة الإسلامية في مسألة الإرث. ولقي هذا الملف كثير من الجدل وحتى الترحاب من بعض الدول، بينما اعتبره مفكرون في دول عربية وإسلامية بأنه مناف للشريعة الإسلامية. وكان عضو لجنة الحريات الفردّية والمساواة صلاح الدين الجورشي قال إن بعض سفراء الدول الأوروبية قد زاروا اللجنة وهي بصدد إعداد تقريرها في حين تحدثت عديد التقارير الإعلامية عن إصرار من الاتحاد الأوروبي وخاصّة فرنسا على إدراج تونس للمساواة في المراث بين الجنسين. ويبدو أن فرنسا هي أكثر الدول التي تصرّ على هذا المبدأ، وتسعى له بكلّ الوسائل حيث اعتبرت وزيرة العدل الفرنسية السابقة والعضو الشرفي بالبرلمان الفرنسي، كريستيان توبيرا، أنه لا وجود لأي حجج تعلل الإبقاء على اللامساواة بين الإناث والذكور في توزيع الميراث في تونس. وقالت توبيرا في مؤتمر صحفي انعقد بمقر المعهد الفرنسي بتونس على هامش مشاركتها في الأيام الفرنكوفونية التي تلتئم بتونس من 6 الى 24 مارس الجاري، إن المساواة بين الجنسين ليست موضوع تفاوض كما المساواة بين المواطنين على اختلاف ألوانهم أو معتقداتهم أو انتماءاتهم. وذكرت أن تونس اليوم تحظى بدستور ينص على المساواة ويضمن الحريات الأساسية، مبرزة ضرورة ملائمة مضامين هذا الدستور مع النصوص التشريعية المعتمدة. وأكدت ضرورة القطع نهائيا مع جميع أشكال التمييز القائمة على الجنس أو اللون أو غيرها من الأسباب، سواء كان ذلك في تونس أو في مختلف أنحاء العالم، قائلة “يجب مكافحة التمييز والعنصرية بحزم حتى وإن لم نكن ضحية من الضحايا”. وأبرزت توبيرا ضرورة إعادة التفكير في الفرنكفونية بكل جرأة وإعادة النظر أيضا في القدرات متعددة الاطراف من خلال تقاسم عدد من المبادئ والقيم، لافتة إلى “ضرورة أن تصبح الفرنكوفونية آلية لتسهيل الحوار وتبادل المعارف وتقاسم الزاد الثقافي واللغوي والفني، وأيضا تقاسم الأحلام والإرادة”، حسب قولها. وبخصوص اختيار تونس لتنظيم القمة الفرنكفونية 18 في سنة 2020 تزامنا مع الاحتفالية بخمسينية إحداث المنظمة العالمية للفرنكوفونية، قالت توبيرا “العمل على أن تكون القمة القادمة بتونس منعطفا للفرنكوفونية ونقطة هامة في سجل الأحداث كأكبر قمة تم تنظيمها للفرنكوفونية”. وليست هي المرّة الأولى الذي يصرّح مسؤول سابق بخصوص هذا الملف حيث كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أكتوبر الفارط في قمة الدول الفرنكوفونية في أرمينيا قدّ أكّد ضرورة أن تدعم الدول الفرنكوفونية “الرئيس الباجي قايد السبسي في حربه من أجل حقوق المرأة التونسية التي رسخ الكثير منها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة منها التعليم”. وأشاد ماكرون بما اعتبرها شجاعة السبسي في تصديه لمحاولات قوى الرجعية والظلامية الغاء حقوق المرأة مثمننا نجاحه في اقرار قوانين وتشريعات ثورية لفائدة المرأة تتعلق بالزواج والميراث والتعليم وعدة حريات أخرى. كما توجه ماكرون للسبسي قائلا “لا تدخر أي جهد في مواصلة هذه الحرب في بلد افتك استقلاله الزعيم بورقيبة ورسخ حضوره وكان مثالا في المنظمة الفرنكوفونية”. من جانبه أشاد الإمام الفرنسي من أصول تونسية والقريب من السلطة هناك حسن الشلغومي بمبادرة السبسي، حول المساواة في الميراث بين الرجال والنساء، مؤكدا أنها لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية. وقال الشلغومي “أحيي رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على مبادرته، فهو مسك العصا من وسطها وأعطى الاختيار لكل التونسيين والتونسيات في تحديد صيغة الميراث باعتبار أن من بين التونسيين نجد من ليس هو بالمسلم فمكن المشروع الجميع من الحرية في التوريث، فمن أراد أن يطبق الشرع فله ذلك ومن أراد استعمال القانون والدستور فله ذلك، وهذا لا يتعارض مع ذاك