يبدو أن إعلان ترشيح حزب الوطد لمنجي الرحوي للانتخابات الرئاسية القادمة قد أحدث شرخا داخل الجبهة الشعبية وغذّى الاختلافات السابقة في الأفكار والأدوات خاصة بين حزب الوطنيين الديمقراطيين (الوطد) وحزب العمال في تنافس واضح بين الحزبين من أجل زعامة الجبهة الشعبية، رغم محاولات التيار القومي والممثّل خاصة في حزبي التيار الشعبي والطليعة لجلب الأنظار وسحب البساط من الشقّ الشيوعي بالجبهة. ورغم أنّ الأصول الفكرية لحزبي الوطد والعمال نفسها إلاّ أن خلافات السبعينات مازالت تسيطر على العلاقة بينهما حيث يعتبر الوطد سليل لمنظمة الشعلة الماوية (نسبة للزعيم الصيني ماو تسي تونغ) التي ظهرت في سنة 1975 ثم تحولت إلى تيار طلابي ثم حزب بخلفية ماركسية لينينية بينما يميل حزب العمال للتجربة الألبانية مع الزعيم الشيوعي أنور خوجة غير أنّ الحزب يحمل نفس المرجعية العامة للوطد وهي الماركسية اللينينية. ورغم ان الجذور الفكرّية تتشابه لحدّ التطابق أحيانا فإنّ الأدوات والتمشي النضالي للحزبين اختلفت في عدّة فترات وهو ما خلق نوعا من التصدّع في العلاقة بينهما في الفترة الاخيرة في مرحلة دقيقة في تاريخ الجبهة الشعبية التي عرفت بتماسكها وانسجامها مع تضامنهم خاصة في ما يعرف بالاغتيالات السياسية وخاصة اغتيال بلعيد زعيم الوطد السابق. وفي آخر تصريحاته، خرج زعيم حزب العمال والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية بتصريح أثار الكثير من الجدل وفيه كثير من التناقض مع حزب الوطد حيثّ أكّد أنّه على علم بوجود وثائق في الملفّ الذي وزّعته هيئة الدّفاع عن الشّهيدين تحت عنوان "خيال"، مشيرا إلى أن القاضي سأل مصطفى خضر عن هذه الوثائق، فردّ الأخير بأنها مجرّد “خواطر”. تصريح يثير الكثير من الدهشة خاصة وأن الهمامي تحدّث في وقت سابق على أن الوثائق لا ترتقي للشكّ وأنها صحيحة فيما تحدّث على هذا التصريح لإذاعة موزاييك قبل أن يعود للوم حزب الوطد على ترشيح الرحوي واعتباره خارجا على أسس عمل الجبهة الشعبية وما تمّ الاتفاق حوله وان المجلس المركزي للجبهة الشعبية هو الذي سيتخذ قرار الترشيح. من جانبه، ردّ القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد منجي الرحوي على الهمامي مبيّنا أن مقترح ترشيحه للانتخابات الرئاسية 2019 باسم الجبهة الشعبية هو ترشيح جدّي وليس مناورة، متحدثًا عن تلقيه دعمًا من داخل الجبهة إضافة لتعاطف شعبي واسع، على حد تعبيره. وقال الرحوي، أنه لا يوجد مرشح طبيعي للجبهة الشعبية للانتخابات الرئاسية، مشيرًا إلى أن ترشيح الناطق الرسمي باسم الجبهة ونفى ما صرح به الهمامي في وقت لاحق بأن المجلس المركزي للجبهة سيحسم في مسألة الترشح للانتخابات الرئاسية في القريب العاجل، مشيرًا إلى أنه لا يوجد محضر جلسة في هكذا مسألة. وأقر القيادي في حزب الوطد الموحّد والجبهة الشعبية منجي الرحوي أن الجبهة الشعبية فقدت العديد من المناضلين وتشهد حالة من العزوف والتراخي. وأكد الرحوي في برنامج أن حزب الوطد الموحد هو الذي رشحه للانتخابات الرئاسية، قائلا "أكثر من مائة عضو في اللجنة المركزية ناقش وطرح الفكرة، ووجدنا تعاطفا داخل الجبهة وخارجها مع هذا الترشيح. وأفاد بأن الشهيد شكري بلعيد كان طرح ترشيح حمه الهمامي على الحزب، وتم الالتزام بذلك في انتخابات 2014 على قاعدة وصيته، وقال "واليوم يرى الوطد أنه لا وجود لمرشح طبيعي، وأن الديمقراطية تحتاج تقديم مرشحين اثنين”