تواجه المساحات الغابية في تونس التي تمتد على مساحة حوالي 4.6 مليون هكتار العديد من الإشكاليات الناجمة عن الكوارث الطبيعية وعن التدخل البشري. وتعتبر الحرائق وقطع الأشجار من أكثر الأسباب شيوعا في تلف مساحات هامة من غاباتنا، وقد بلغ عدد الحرائق هذا العام 190 حريقا أتى على حوالي 1850 هكتارا، حيث تخسر سنويا 3 آلاف هكتار من مساحاته الخضراء. وإلى جانب الحرائق فإن التجاوزات المتمثلة في تعمّد أشخاص قطع مساحات هامة من الأشجار زادت في تعميق الأزمة علما وأن التجاوزات المرصودة يعاقب عليها القانون.. لكن ماذا لو كان التجاوزات إدارية ومن قبل المؤسسات المشرفة على حماية بيئتنا وثرواتنا؟ حيث سلطت حادثة ترخيص وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سمير بالطيب لقطع 200 هكتار من أشجار الصنوبر أي ما يعادل 80 ألف شجرة لفائدة مواطن الضوء على التجاوزات التي لا تخضع في العادة للمحاسبة باعتبار أن مرتكبيها محصنون عن ذلك، لكن بفضل تعاضد مجهودات المجتمع المدني تم التصدي لما وصفه النشطاء ب”صفقة فساد”، وجريمة ضد البيئة، داعين إلى وقف القرار وسحب الترخيص. وقد قدمت جمعية موطني بيئتي بغار الدماء ملفا في شبهة فساد في إسناد رخصة لقص ثمانين ألف شجرة صنوبر بعين دراهم على مساحة مائتي هكتار. وأعرب عضو الجمعية عنتر دخيلي عن استغرابه من إسناد رخصة بطرق مشبوهة لأحد أبناء منطقة أولاد هلال، مبينا أن هذه الخطوة لاقت رفضا قاطعا من المصالح الفلاحية والغابية جهويا ومحليا منذ 2015 و2016 فاستند المعني إلى أحد العناصر بالإدارة المركزية. من جانبه أعرب الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة عن إدانته لهذه الممارسات، ما دفع بالإدارة المسؤولة إلى سحب الرخصة محل الخلاف. ولئن نجح المجتمع المدني في التصدي لممارسات التي تهدّد بيئته والمساحات الخضراء التي تعتبر رئة البلاد، فإن الإشكالية تكمن في هذه التجاوزات التي قليلا ما تفضح خاصة عندما تكون بغطاء مركزي فمتى تضيع إسناد مثل هذه الرخص الى المراقبة الصارمة؟