أخبار تونس– شكل انعقاد مؤتمر حركة فتح هذه الأيام ببيت لحم حدثا مهما عموما في مرحلة تاريخية دقيقة تمر بها القضية الفلسطينية. ويقينا أن حركة فتح مدركة لجسامة ا لمرحلة التاريخية الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية والتي لم يستطع العدو عبر سنوات طويلة من العدوان أن يلحق بها الأذى. و أن في إدراك الفلسطينيين للتحديات التي تواجههم وما يتوجب عليهم رفعه في هذه الظروف الحساسة كما خاطبهم بذلك سيادة الرئيس زين العابدين بن علي في الكلمة التي توجه بها إلى المؤتمرين مشددا في نفس الوقت على كامل التقدير للدور التاريخي الذي اضطلعت به حركة فتح ولا تزال على صعيد الكفاح الوطني الفلسطيني منذ انبعاثها بقيادة الزعيم الراحل ياسر عرفات ورفاقه . ويعد المؤتمر الحالي لفتح محطة هامة جديدة على صعيد توحيد الصف الفلسطيني وبلورة التصورات والحلول الكفيلة للمرحلة القادمة بفضل رصيدها التاريخي وشرعيتها النضالية وإخلاص مناضليها الذين يبقون في طليعة القوى المؤتمنة على القضية الفلسطينية كما أكد ذلك سيادة الرئيس . وإن ما يعزز اليوم الأمل في كسب الرهانات المطروحة على الشعب الفلسطيني الشقيق وإنهاء حالة الخلاف وتوحيد الصفوف وفاء للقضية ولرجالاتها ولمسيرة النضال المتواصلة الزاخرة بالتضحيات وبالمواقف الشجاعة سجلتها صفحات تاريخية مجيدة بعدما ضرب أبناؤها أروع الأمثلة في النضال والصمود والاستماتة في الدفاع عن الأرض والكرامة هو الحاجة إلى الإصلاح الداخلي بتنظيم البيت الفلسطيني وما يتطلبه ذلك من جهود متواصلة لرتق الصدع مع التزام الجميع بإنهاء الاحتلال بجميع أشكاله وصوره و ربطه بشكل مباشر بمواصلة الكفاح والسعي المتواصل لإنهاء الفرقة التي كانت وراء حالة اللاسلم التي يعيشون داخلها. فإنهاء الاحتلال يتطلب منهم تضامناً ووحدة بين جميع الفصائل والحساسيات الفلسطينية تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني في ضوء برنامج جريء للإصلاح الداخلي مع الالتزام بالدبلوماسية التي توازن بين الرغبة الصريحة في التغيير السياسي والحفاظ على الثوابت الوطنية دون التخلي عن المفاوضات التي هي الطريق لتحقيق الطموحات الفلسطينية، في ظل أولوية حكم القانون كما أكد ذلك عباس. المحطة التونسية وإن في إشارة السيد محمود عباس في خطابه الافتتاحي إلى الحقبة التونسية، في نضال الشعب الفلسطيني بعد خروج القيادة من بيروت والتي كان من ثمارها الاستفادة من , تجربة مدرسة الأشقاء الواقعية،” مدرسة الحبيب بورقيبة وخلفه زين العابدين بن علي... الواقعية التي تحقق الممكن دون مساس بالثوابت الوطنية” ، مسلحين باستقلالية القرار«، إن امتلاك الوعي والقدرة على قراءة متغيرات العالم وسياساته ومصالح قواه المؤثرة، وصولا إلى حسن الأداء السياسي كلها تزيد من صلابة الأهداف وحسن التموقع والانتشار دوليا. فالقضية الفلسطينية تبقى دائما ذات أهمية وأولوية في فكر سيادة الرئيس التي يعتبرها دوما قضيته الأولى. و سيبقى الاعتداء الغادر الذي استهدف مقر القيادة الفلسطينية في تونس بمدينة حمام الشط حيث امتزجت فيها دماء الفلسطينيين والتونسيين رمزا خالدا وشاهدا على ما يجمع بين الشعبين من عرى الأخوة المتينة والتآزر والتضامن من أجل الحرية والكرامة للشعب الفلسطيني مثلما بين ذلك سيادة الرئيس في كلمته للمؤتمر. وجاءت عبارات الثناء لتونس من السيد أبي مازن في كلمته التي لم يغفل عن توجيهها لتونس رئيسا وحكومة وشعبا لدى افتتاحه المؤتمر لما حظيت به المنظمة الفلسطينية من كرم الضيافة الأصيلة التي وفرت للقيادة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت ” كل حرية الحركة .. وحرية القرار بكل أبعادهما اللذين كان من ثمارهما عقد أول لقاء فلسطيني أميركي في العام 1988′′. والمطلوب اليوم من الشرعية الدولية بكل أبعادها إبعاد شبح اليأس والانهيار النفسي عن الشعب الفلسطينيي لا فقط بإدانة الحكومة والشعب الاسرائليين المسؤولين عن استدامة الصراع بل أن الواجب اليوم يتوقف على اعتراف دول العالم بمعاناة الشعب الفلسطيني وما يتهدد مصير أجياله ، بالدعوة إلى الانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلت سنة 1967، وإقرار حل الدولتين ودون أي مستوطنات مما سيعني في النهاية تحقيق السلام الشامل.