أخبار تونس – في إطار سلسلة اللقاءات الأدبية بدار سيباستيان بالحمامات قدّم الناشر والاعلامي حاتم بوريال خلال جلسة أدبية صبيحة يوم الأحد 10 جانفي 2010 الروائي البلجيكي فرانز هالنس بحضور عدد من الكتاب والاعلاميين وعشاق الأدب وبعض من الجالية الأوروبية بتونس. ويعد فرانز هالنس (1881 – 1972) واحدا من الكتاب والفنانين العالميين المرموقين الذين زاروا تونس خلال القرن العشرين وافتتنوا بها وخلدوها من خلال إبداعاتهم ومؤلفاتهم مثل ليوبولد سينغور واندري جيد وغوستاف يونغ وبول كلي وغيرهم كثير... وكانت الباحثة التونسية سرور بن علي قد نشرت سنة 2000 كتابا لحساب منشورات جامعة كلارمون فيران بفرنسا يحمل عنوان “رحلة استعادية: إنطباعات حول شمال إفريقيا” بعد أن حققت مخطوطة لفرانز هالنس عثرت عليها بالمكتبة الملكية ببروكسيل وكتبت مقدمة للكتاب لتكشف للقراء جانبا مما أنجزه فرانز هالنس إثر رحلته التي قام بها إلى تونس وبعض المدن مثل قرطاج والقيروان سنة 1925 حيث وثق يومياته عبر عدة مقطوعات أدبية في مذكراته الأدبية. ويبلغ عدد الصفحات المخصصة لوصف تونس في هذا الكتاب حوالي 120 صفحة صور فيها فرانز هالنس مشاهد عديدة من شوارع تونس وأسواقها وحركة سكانها الدائبة وبعض مهنهم وما شاهده من مناظر يومية. ففي نص بعنوان “الفونغراف” ينقل فرانز هالنس بدقة ما عايشه عيانا خلال رحلته إلى تونس العاصمة مثل نهج سيدي بن عروس وساحة الحلفاوين ومقاهيها المزدحمة بالرجال، ذاكرا بعض الطرائف التي رآها مثل محل لبيع أو لإصلاح “الفونغراف” يوجد به حوالي 20 جهاز فونغراف تشتغل في نفس الوقت وكيف تتداخل الاصوات والنغمات من شتى اللغات واللهجات فهاله ذلك المشهد وجعله عنوانا لنص من نصوصه. وتكمن أهمية هذه النصوص في أنها تسترجع اليوم عند قرائتها مناظر حية من تونس في الربع الأول من القرن العشرين وتبدو وكأنها ما تزال تنبض بالحياة نظرا لجودة الكتابة الادبية لدى فرانز هالنس ووصفه المسهب لمشاهد متكاملة من البلاد التونسية. وافتتن فرانز هالنس بالآثار وبالصناعات التقليدية التونسية في ذلك الوقت على غرار الفسيفساء والزرابي و”المرقوم” فخلد هذه الفنون البديعة بطريقة هي أقرب إلى التصوير بالكاميرا أو بالرسم والفن التشكيلي المتقن. ويتميز فرانز هالنس الذي استبدل اسمه الحقيقي فريدريك فان ارمنغين بكونه متعدد المواهب إذ اهتم بكتابة القصة والنقد الفني بالاضافة الى انشغاله بكتابة الرواية وكتابة الشعر كما عمل مشرفا على عدة مجلات أدبية متميزة ببلجيكيا وفرنسا مثل مجلة “القرص الأخضر” ومجلة “علامات من فرنسا وبلجيكيا. كما خلف فرانز هالنس مؤلفات أدبية غزيرة تقارب 80 عملا مستندا الى عمق طرحه الذهني وسعة خياله وروح الدعابة لديه حيث يحلو للنقاد الحاق أدبه بصفة “الأدب العجائبي” وكان له الفضل في التعريف بشاعر بلجيكيا الكبير هنري ميشو وجون بولهان واشهر مؤلفاته على الاطلاق هي ثلاثيته المتكونة من كتاب “سذاجة” وكتاب “فريدريك” وكتاب “فتيات الرغبة” وهي ثلاثية تندرج ضمن ادب السيرة الذاتية. وفي سؤال وجهته له “أخبار تونس” حول أهمية أدب هذا الكاتب البلجيكي الفذ قال حاتم بوريال إن فرانز هالنس يمكن اعتباره نموذجا ناجحا للادباء الذين وحدوا بين ثقافات مختلفة ومتباعدة نوعا ما حيث جسّد أرقى أشكال التعامل الحضاري بين الشعوب وساهم بشكل كبير في ربط جسور التواصل بين الثقافات والشعوب بإعلائه أرقى قيم الجمال والحب...”. وعلى هامش هذا اللقاء الادبي صرح حاتم بوريال ل”أخبار تونس” أنه سيصدر خلال الدورة القادمة من معرض تونس الدولي للكتاب عملا لفرانز هالنس به حوالي 24 مقطعا أدبيا لرحلة هذا الكاتب بتونس ضمن سلسلة منشورات دار نشر يديرها بمعية نخبة من الكتاب والباحثين. كما كشف حاتم بوريال أنه سيقدم خلال الجلسة الادبية المقبلة ضمن اللقاءات الادبية بدار سيباستيان بالحمامات أديبا ايطاليا مرموقا زار تونس أيضا هو فيليبو مارينيتي وذلك يوم 7 فيفيري القادم ثم سيخصص جلسة أدبية اخرى لكاتب فنلندي زار تونس سنة 1914 .