نظر مجلس المستشارين يوم الاثنين بباردو في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2011 برئاسة السيد عبد الله القلال رئيس المجلس وبحضور السيد محمد الغنوشي الوزير الاول وعدد من أعضاء الحكومة بالنقاش العام حول بيان الحكومة. واستهل المجلس أعماله بالاستماع إلى التقريرين الخاصين بمشروع ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2011. واجمع المستشارون في تدخلاتهم على أن الأهداف المرسومة للسنة القادمة تنسجم مع مضامين البرنامج الرئاسي الطموح للرئيس زين العابدين بن علي /معا لرفع التحديات/ وتتكامل مع التوجهات المضبوطة في المخطط 12 للتنمية ومع القرارات الرائدة المعلن عنها في خطاب رئيس الدولة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثالثة والعشرين للتحول بما من شانه ان يثري رصيد تونس الحافل بالنجاحات والمكاسب في كنف الأمن والاستقرار السياسي ويعزز مسار التنمية الوطنية في ظل التلازم المتين بن البعدين الاقتصادي والاجتماعي. وأعربوا عن مشاعر الارتياح والاعتزاز بالنتائج والمؤشرات التنموية الهامة التي تحققت في كافة القطاعات سنة 2010 رغم تقلبات الوضع الاقتصادي العالمي وذلك بفضل السياسة الحكيمة والخيارات الصائبة لرئيس الجمهورية بما دعم إشعاع تونس في محيطها الإقليمي والدولي بإقرار من مختلف المؤسسات الاقتصادية العالمية والهياكل الأممية. ولاحظ المستشارون ان بيان الحكومة عكس الجهود المبذولة في مختلف ميادين التنمية والتخطيط واثبت قدرة تونس وكفاءتها في التعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية بما مكن البلاد من تجاوز تداعياتها وآثارها السلبية بفضل المنهج الاستشرافي لرئيس الدولة الذي يقوم على التعويل في المقام الأول على الإمكانيات والقدرات الذاتية. وأكدوا ان تونس تعتبر نموذجا فريدا من نوعه في محيطها الإقليمي بفضل النقلة التنموية النوعية التي حققتها في مختلف القطاعات دون استثناء بما عزز ترتيبها في مجال دعم القدرة التنافسية للاقتصاد حسب تقرير المنتدى الاقتصادي لدافوس متقدمة بذلك على كل البلدان العربية والافريقية ومقتربة من مؤشرات الدول المتقدمة بما يبرهن على نجاعة السياسات العامة المنتهجة وعمق الإصلاحات المنجزة . وبين المستشارون ان مشروع ميزانية الدولة للسنة القادمة يؤسس لمرحلة جديدة على درب تعزيز مقومات مناعة الاقتصاد الوطني من خلال دفع نسق النمو الى أكثر من 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ومواصلة التقليص من عبء الدين العمومي والحفاظ على سلامة التوازنات المالية. وأوضحوا ان التوجهات والأهداف التي تناولها بالتحليل بيان الحكومة وتضمنها مشروع ميزانية الدولة لسنة 2011 تقتضي تعبئة كل الطاقات البشرية والموارد الذاتية من اجل كسب رهان التنمية الوطنية الشاملة والمستديمة والعمل على تنمية الوعي الجماعي بجسامة التحديات المستقبلية المطروحة وبضرورة الانخراط الفاعل في المشروع الحضاري لرئيس الدولة في كنف الحوار والتشاور والوفاق الوطني. وشدد المستشارون في تدخلاتهم على تمسكهم بالرئيس زين العابدين بن علي قائدا لتونس لمواصلة مسيرة الإصلاح والبناء والتحديث التي تعيشها تونس التغيير. وابرز المستشارون العناية والإحاطة التي ما فتىء يوليها الرئيس زين العابدين بن علي للفئات الهشة وذات الاحتياجات الخصوصية مثمنين الجهود التي تبذلها السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية رئيسة جمعية بسمة للنهوض بتشغيل المعوقين في هذا المجال تكريسا لحق الأفراد في التمتع بمقومات الرفاه والعيش الكريم في كنف المساواة والتضامن والعدالة الاجتماعية. واقترحوا في إطار الاحتفال بالسنة الدولية للشباب تكثيف اللقاءات والندوات الشبابية المغاربية خاصة لفائدة رجال الأعمال الشبان ترسيخا لأركان اتحاد المغرب العربي وتفعيلا لهياكله وتعزيزا لقدرة اقتصاديات البلدان المغاربية سيما في ظل ما يشهده العالم من منافسة كبيرة بين التكتلات والتجمعات الاقليمية والدولية. وشدد أعضاء المجلس على ضرورة بذل جهود إضافية في اتجاه ترسيخ القيم الاخلاقية والسلوك الحضاري في صفوف الناشئة والشباب وتحفيزهم على الإقبال على الخدمة الوطنية وتفادي مظاهر العنف اللفظي والمادي في الملاعب الرياضية داعين الى إقرار خطة متكاملة لتجذير الشباب في هويتهم وخصوصياتهم الثقافية وتنمية حسهم الوطني. وتطرق عدد آخر من المستشارين الى ملف التشغيل فدعوا بالخصوص الى النظر في إيجاد آليات جديدة لحفز الشبان خاصة حاملي الشهادات العليا على الانتصاب بالخارج لا سيما بالبلدان الافريقية وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص الى جانب مزيد التعريف بما تتوفر عليه الكفاءات التونسيةالشابة من قدرات علمية وتكنولوجية هامة. ومن جهة اخرى أشاد عدد من المستشارين بما يحظى به القطاع الفلاحي من عناية رئاسية موصولة لدوره الاستراتيجي في دعم القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني مشيرين الى ما سجله القطاع من مؤشرات ايجابية رغم الظروف الصعبة التي شهدها بسبب الأزمة الغذائية العالمية. وأكدوا في هذا الصدد أهمية مزيد العناية بمجالات التحويل والترويج والتصنيع والنهوض بجودة المنتوجات الفلاحية الى جانب مراجعة آليات التمويل والاستثمار ودعم تكوين اليد العاملة المختصة ومزيد العمل على توسيع المناطق السقوية وإحكام التصرف الرشيد في الموارد الطبيعية للبلاد. كما حثوا على تنمية وعي الأفراد بضرورة الإقبال على استهلاك المنتوج الوطني وتحسيسهم من جهة أخرى بوجوب ترشيد استهلاك الطاقة مبرزين أهمية مواصلة برنامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية والنهوض بإنتاجيتها ومردودها ودعم قدرتها التصديرية. واقترح احد المستشارين في هذا الصدد إرساء خط بحري يربط تونس بالجزائر يساهم في دعم التعاون المغاربي بصفة خاصة والخارجي عموما. ودعا المستشارون الى مزيد الحذر واليقظة في متابعة المستجدات العالمية نظرا لما يعيشه المحيط الاقتصادي من أزمات متتالية، مؤكدين أن كسب التحديات يمثل مسؤولية جماعية تشترك فيها مختلف القوى الوطنية وتستدعي تضافر الجهود لتجسيم توجهات منوال التنمية. كما أوصوا بمزيد النهوض بمنظومة البحث العلمي والعمل على التنسيق بين مختلف الهياكل في هذا المجال وتفعيل الشراكة خاصة بين الأقطاب التكنولوجية والبحث العلمي والقطاع الخاص. وفي ما يتصل بالتنمية الجهوية دعا احد المستشارين الى توسيع ادوار المجالس الجهوية والقيام بعمليات تأطير اكبر على هذا المستوى وتوسيع المجالس القروية لتغطي كامل مناطق العمادة لمزيد تحسين مؤشرات جودة الحياة بكافة المناطق لا سيما منها الأرياف. وتطرق المستشارون من جهة أخرى الى التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية على غرار ندرة المياه مشددين على أهمية تفعيل دور البحث العلمي في مجال المياه ومزيد القيام بدراسات استراتيجية بهدف تأمين الحاجيات الوطنية من الماء.