أخبار تونس – صدر مؤخرا عن دار سحنون للنشر و التوزيع كتاب جديد للباحث في مجال الحضارة والادب العربي جمال الدين دراويل بعنوان النخبة و الحرية في تونس خلال الثلث الأول للقرن العشرين . ودرس السيد دراويل في مؤلفه مبحث الحرية التي تعتبر من أهم الإشكاليات التي عالجها مفكرو النهضة العربية مع التركيز بالخصوص على ما عرفته الفترة الأولى من القرن العشرين. واهتم الباحث بإبراز مكانة الحرية في إصلاح التعليم و الدعوة إلى الاجتهاد و نقد المنظومة الفكرية التقليدية و المصالحة مع الفكر السياسي الحديث ليخلص إلى تبيان الانعكاسات السياسية و الاجتماعية لتصورات النخبة للحرية والتي كانت وراء بروز الحزب الحر الدستوري وظهور الحركات الطلابية و العمالية النقابية و النسائية. هذا وقد أشار الكاتب إلى العوامل التي ساعدت على بروز مفهوم الحرية في البيئة الثقافية و الاجتماعية العربية و أرجعها للانفتاح على المجتمعات العربية و كذلك الرحلات والبعثات العلمية والدبلوماسية و التي كان لها الأثر الكبير في تجاوز التعريف التقليدي لمفهوم الحرية و بناء تصور جديد للعلاقة بين الفرد و المجتمع و المجتمع و السلطة. وخلص جمال الدين دراويل في كتابه إلى أن قضايا الحرية والتحرر في تونس لم تطرح على خلفية الصدام أوالقطيعة مع الموروث الفكري العربي الإسلامي على أساس التوفيقية الإصلاحية إنما على أساس توظيف ما في الثقافة العربية الإسلامية من عناصر التحرر والتقدم التي تمثل في الوقت ذاته جوهر الثقافة العربية الحديثة. وابرزالباحث ايضا ان النخبة الزيتونية التنويرية عند معالجتها لقضايا الحرية والتحرر السياسي والاجتماعي لم تسترجع مقولات السياسة الشرعية و لم تعد انتاج النظام المعرفي الإسلامي التقليدي بل كانت مرجعياتها النظرية و التاريخية حديثة فيما غابت في كتاباتها أراء الماوردي و الغزالي و ابن تيمية و غيرهم. وتعد هذه العوامل حسب رأي الباحث هي من أعطى للتجربة التحديثية التونسية المعاصرة ضربا من الخصوصية قياسا بالتجارب التي عرفتها بعض المجتمعات العربية الأخرى في الفترة ذاتها. يذكران الكتاب هو في الأصل بحث جامعي نال به الكاتب درجة الدكتوراه وتم إعداده من خلال العودة الى أعمال نخبة من رواد الاصلاح والنهضة في تونس أو ما يعرف ب( مدونة الاصلاحيين التونسيين) ومن أهمها كتاب "أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك" لخير الدين التونسي وكتاب "اتحاف أهل الزمان في أخبار ملوك تونس وعهد الأمان" لأحمد ابن أبي الضياف، وكذلك أعمال كل من الشيخ محمد الخضر حسين ومحمد الطاهر ابن عاشور والشيخ عبد العزيز الثعالبي والطاهر الحداد وأبو القاسم الشابي.