علمت «الشروق» ان مصالح وزارة التجارة تنهي هذه الايام آخر استعداداتها للبدء في تنفيذ المراحل الاولى من الاستشارة الوطنية الموسعة حول تعصير قطاع التجارة التي أذن باجرائها رئىس الدولة مؤخرا، وثبت ل «الشروق» من مصادر عليمة ان الانطلاقة الفعلية لهذه الاستشارة قد حددت لبداية شهر جوان المقبل. واستفادت «الشروق» ان الاستشارة ستشهد مشاركة كل الاطراف التي لها علاقة بالقطاع التجاري من هياكل مهنية ومنظمة الدفاع عن المستهلك وأساتذة جامعيين وخبراء في الميدان وكافة الادارات المعنية بالاضافة الى اصحاب المهن الحرة من محامين وخبراء محاسبين وممثلين عن الهياكل المالية والبنوك وستستهدف الاستشارة المساحات التجارية الكبرى وتجارتي الجملة والتفصيل ومسديي الخدمات والمنتجين والفلاحة. وينتظر ان تنقسم اشغال هذه الاستشارة على 6 ندوات اقليمية تتوّج بندوة وطنية كبرى ومن المتوقع ان تتوزّع الندوات على كامل جهات البلاد على النحو التالي: (الشمال الشرقي / الشمال الغربي / الوسط الغربي / الوسط الشرقي / الجنوب الغربي / الجنوب الشرقي). وترمي الاستشارة بالأساس الى اعطاء إشارة لمختلف الاطراف حول اهمية القطاع التجاري وستكون من ثمة اطارا للبحث والنقاش وتقديم المشاغل والمشاكل التي يعاني منها القطاع من اجل المساعدة على انارة السبل المثلى لتطوير القطاع في المرحلة القادمة على اعتباره قطاعا على صلة وثيقة بعدة توازنات داخلية وخارجية من ذلك مساهمته الهامة في الناتج الداخلي الخام (10) وطاقته التشغيلية الكبرى خاصة اذا ما علمنا ان عدد التجار قد تجاوز 220 الف تاجر منهم 18 الف تاجر جملة بالاضافة الى 200 نقطة بيع لقطاع المساحات الكبرى والتي توفّرها في مجملها يد عاملة كثيفة. كما لا يجب تجاهل ما لقطاع التجارة من علاقة وثيقة بحياة المواطن العادي من خلال انتظام التزويد والسير الطبيعي لآليات السوق وشفافية المعاملات فهو من ثمة واجهة للمنتوج المحلي في ظل الرهانات الموجودة حاليا والتي تضاعفت في السنوات الاخيرة بحكم تغيّر طبيعة الاستهلاك وتحوّل المواطن من نمط استهلاكي تقليدي الى نمط آخر كثيف كما ونوعا. وستضع «الاستشارة» من اولى اهدافها فهم ما لحق النسيج التجاري من ملامح جديدة متميزة خاصة بزحف المساحات التجارية الكبرى والتي طرحت تساؤلا هاما حول كيفية تأمين «التعايش السلمي» بين مختلف انماط التجارة وضمان استدامة التجارة الصغرى والتقليدية. ومن المنتظر ان تستند الاستشارة الى مضامين المراجعة الجارية حاليا لقانون تجارة التوزيع الذي هو في طور الاعداد والدراسة حول العمران التجاري والتي بلغت مرحلتها الثانية. ولن تغفل «الاستشارة» التحديات الخارجية التي لابدّ من الاستعداد لها عبر تدعيم القدرة التنافسية في ظل ما ستحدثه المفاوضات الجارية على مستوى المنظمة العالمية للتجارة والاتحاد الاوروبي والرامية الى مزيد تحرير قطاع الخدمات. وعلمت «الشروق» ان كل ندوة من الندوات الاقليمية الست ستتدارس جملة من الملفات الهامة وستكون بمثابة ورشة عمل ستقدم خلالها عدة دراسات لتنتهي الى تقديم مجموعة من التطوّرات والمقترحات. وحول مضامين النقاشات وطبيعة الملفات التي سيتم تناولها اشارت مصادر عليمة ل «الشروق» ان جدول اعمال قد ضبط للغرض يشتمل ضرورة النظر في الملفات التالية: (مسألة تعصير تجارة التوزيع، تأهيل اسواق الجملة والتفصيل تفعيل المنافسة وحماية المستهلك آفاق تحرير قطاع الخدمات التجارة الالكترونية ملف التكوين وتعصير أداء الموارد البشرية وتطوير الكفاءات المهنية للمشتغلين في القطاع التجاري شفافية المعاملات والاعلام التجاري وعلاقة البائع بالمستهلك. وتأكد ل «الشروق» ان عددا من الجامعيين ينكبون هذه الايام على وضع اللمسات الاخيرة لعدد من الدراسات العلمية المتعلقة بالقطاع التجاري لتوجيه النقاشات واثرائها وضمان الحصول على مقترحات قادرة على تطوير المشهد التجاري التونسي والارتقاء به الى حجم التحديات المطروحة.